بعد مرور أكثر من ثلاث سنوات على ثورة 25 يناير التي أطاحت الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك، لاتزال مصر تعاني من وجود قطاع إعلامي سلطوي، وقيود على حرية التعبير. ولم تستغلّ الأنظمة التي حكمت البلاد في فترة مابعد الثورة الفرص التي أُتيحَت لها لإصلاح وسائل الإعلام الحكومية والخاصة، حيث تعرّضت الأصوات الناقدة إلى المضايقات والتهميش من جانب جهات حكومية وغير حكومية. وطالما أن في مصر حكاماً يعتقدون بأن السيطرة على وسائل الإعلام تصبّ في مصلحتهم، فلن يتحقّق الإصلاح إلا عن طريق بعض الأصوات المعارضة في وسائل الإعلام، مدعومة بتأييد المجتمع المدني والجماهير.

الإعلام المصري منذ ثورة 25 يناير 

  • اتّخذت الأنظمة المصرية المتعاقبة بعد الثورة خطوات للحدّ من حريّة التعبير والسيطرة على المحتوى في التغطية الإعلامية المصرية.
  • تحطّمت الآمال في ظهور قطاع إعلامي أكثر مهنية بسبب جهاز الإعلام الحكومي الذي دعم عملياً أي نظام يمسك بزمام السلطة، ووسائل الإعلام الخاصة التي تأثّرت بملاّكها من رجال الأعمال الذين يرتبطون بعلاقات مع نظام مبارك، والاستقطاب الحادّ بين وسائل الإعلام الإسلامية وغير الإسلامية.
  • لعبت شبكات التواصل الاجتماعي دوراً رئيساً في ثورة 25 يناير. وقد وفّرت هذه الوسيلة طرقاً جديدة للتعبير عن الآراء الانتقادية، وتحدّت المؤسّسات الإعلامية القائمة، ونظّمت الأنشطة المناهضة للحكومة.

مستقبل الإعلام المصري 

تزداد صعوبة إيجاد مكان للأصوات الناقدة في وسائل الإعلام التقليدية. فقد دعمت الكثير من وسائل الإعلام في مصر بقوّة سردية النظام للأحداث منذ عزل الرئيس محمد مرسي، المدعوم من جماعة الإخوان المسلمين، في تموز/يوليو 2013. أما الأصوات المعارضة، فهي شبه غائبة من الصحف والبرامج التلفزيونية، حيث أغلقت الحكومة وسائل الإعلام التابعة للإسلاميين.

تستمر شبكات التواصل الاجتماعي في توفير منبر للآراء المهمّشة. على الرغم من أنها تعاني حالة من الاستقطاب هي الأخرى، توفّر شبكات التواصل الاجتماعي أحد المنابر القليلة التي تُمكِّن النشطاء الساعين إلى التوصّل إلى حلولٍ وسطٍ من التعبير عن آرائهم، وتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان.

ثمّة حاجة إلى إصلاح وسائل الإعلام الحكومية أكثر من أي وقت مضى، لكن الإرادة السياسية اللازمة غير متوفرة. لم يُظهِر النظام الحالي، بقيادة عبد الفتاح السيسي، حتى الآن الكثير من الاهتمام بجعل وسائل الإعلام الحكومية أكثر انفتاحاً وديمقراطية. إذ لاتزال هذه الوسائل في الوقت الراهن في خدمة النظام وليس الشعب.

يأمل الكثيرون في أن يخفّف النظام الحالي قمعه لوسائل الإعلام، غير أن المؤشرات الأولية ليست مشجّعة. تشمل هذه المؤشّرات إلغاء عرض برنامج السخرية السياسية واسع الانتشار، "البرنامج"، وطلب وزارة الداخلية لعروض شراء برمجيات لرصد شبكات التواصل الاجتماعي على الإنترنت.

مقدمة 

لعب الإعلام المصري على الدوام دوراً مهماً في مصر والشرق الأوسط، وطرأت عليه تغييرات مهمة خلال العقدين الماضيين، بلغت ذروتها في دخول شبكات التواصل الاجتماعي التي استخدمتها القوى الثورية بصورة استراتيجية لدعم قضيتها وإسقاط حسني مبارك، الدكتاتور الذي حكم مصر مدة ثلاثين عاماً.

منذ اندلاع الثورة في العام 2011، كانت التغيّرات سريعة ومتكرّرة، حيث حاولت وسائل الإعلام الحكومية معرفة رؤسائها الجدد. أما وسائل الإعلام الخاصة، فهي تحاول عدم تنفير الناس في الوقت الذي تحافظ على مصالح أصحابها، الذين كان معظمهم متحالفين بشكل وثيق مع النظام القديم.

في أعقاب سقوط مبارك، يبدو أن كل نظام جاء إلى السلطة، حتى وصول المشير عبد الفتاح السيسي إلى الحكم، كان أكثر قسوةً على وسائل الإعلام من سابقيه. لكن تبقى شبكات التواصل الاجتماعي قوة مستقلّة، على الرغم من أن الدولة حاولت تضييق الخناق على الأصوات المعارضة في وسائل الإعلام كافة. 

ثمّة حاجة إلى حدوث تغييرات كبيرة في قوانين الإعلام وبنيته للمساعدة في انتقال مصر إلى الديمقراطية. ويبدو أن المشكلة كبيرة إلى حدِّ أن هذه التغيرات تعتمد على الإرادة السياسية أكثر منها على أي شيء آخر، وقد لاتكون التغييرات في مصلحة النظام الحالي، الذي يستخدم الإعلام لترويج قضاياه. يبدو والحالة هذه أن السبيل الوحيد للخروج من المأزق، باستثناء الإرادة السياسية، يكمن في الإصلاح عن طريق قلّة من الأصوات المعارضة داخل وسائل الإعلام، مدعومة بتأييد المجتمع المدني والجماهير.

خلفية 

تاريخياً، حافظت مصر على سمعتها كبلد رائد في إنتاج المحتوى الإعلامي، وهو السبب الرئيس الذي يجعل اللهجة المصرية مفهومة على نطاق واسع في جميع أنحاء العالم العربي. ومنذ أن حصلت البلاد على استقلالها عن بريطانيا في أوائل خمسينيات القرن العشرين، أدرك حكام مصر مدى أهمية الإعلام لمكانة البلاد باعتبارها تمثّل زعامة سياسية وثقافية، وأيضاً لقدرة أنظمتهم على السيطرة على الجماهير.

لطالما استخدمت الحكومة الإعلام لخدمة أجندتها السياسية ونشر رسائلها. عندما تم إدخال الخدمة الإذاعية، بثّ جمال عبد الناصر رسائله القومية الاشتراكية إلى بقية العالم العربي من خلال محطات مثل صوت العرب وإذاعة الشرق الأوسط. وعندما وقّع أنور السادات اتفاقية السلام مع إسرائيل في العام 1979، ماتسبّب في مقاطعة الدول العربية لمصر، تم استخدام الإذاعة لمواجهة الهجمات المقبلة من هذه البلدان.

في الوقت نفسه، ساهمت استثمارات الدولة في إنتاج المحتوى الإعلامي في جعل مصر أكبر منتج في العالم العربي لسنوات عديدة. فقد كان إنتاج البرامج والمسلسلات المصرية، ولايزال اليوم، يُصدَّر إلى معظم الدول العربية، ويشكّل في العموم العنصر الرئيس في المحتوى الذي يُبَثّ على قنوات الإعلام العربي.1

سارت الصحف على المنوال نفسه في الغالب، على الرغم من أن معدّلات الأميّة في هذا المجتمع الشفوي تقليدياً لاتزال تتجاوز ثلث عدد السكان، حيث تعتبر وسائل الإعلام المرئية والمسموعة دائماً أكثر قوة. في عهد عبد الناصر، تم تأميم وسائل الإعلام المطبوعة، وأصبحت الصحف الكبرى في نهاية المطاف أبواقاً للحكومة. بدأت الصحف الحزبية والمستقلة بالظهور في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، وتمكّنت من إحراز بعض التقدّم في مواجهة الصحف الحكومية الرئيسية، التي بقيت موالية للحكومة باطّراد ووضوح. وإلى أن جرى إدخال البثّ الفضائي وشبكة الإنترنت، كان المصريون يستمعون إلى محطات الإذاعة الأجنبية كمصدر بديل للأخبار، ولاسيّما في أوقات الأزمات.

التشريعات 

في حين ضمنت الدساتير المصرية حرية التعبير ظاهرياً، كان الواقع مسألة مختلفة. فكثيراً ما اعتمدت الحكومة على القوانين التي تعيق حرية التعبير، بما فيها قوانين الطوارئ ومواد من قانون العقوبات، واستخدمتها لفرض رقابة على المحتوى، وترهيب الصحافيين والمدوّنين والمذيعين. وعلى مرّ السنين، دفع هذا الكثير من المنخرطين في الشأن الإعلامي إلى فرض رقابة ذاتية على أنفسهم، كما أدّى إلى الاعتراف بخطوط حمراء حول مواضيع يُعتبر التطرّق إليها أمراً في غاية الحساسية.

يتم تنظيم البثّ في مصر أساساً من خلال الميثاق الإنشائي لاتحاد الإذاعة والتلفزيون المصري. غير أن الميثاق الذي صيغ في العام 1979، وعُدِّل في العام 1989 كي يمنح وزير الإعلام سلطة مطلقة تقريباً، يبدو إشكالياً في أكثر من جانب، فهو لايتيح حق البثّ في مصر لأي كيان آخر سوى اتحاد الإذاعة والتلفزيون. فضلاً عن ذلك، ينصّ الميثاق على أن يبثّ اتحاد الإذاعة والتلفزيون أي شيء تطلب الحكومة منه بثّه رسمياً، وهو نصّ قانوني يعني أن على اتحاد الإذاعة والتلفزيون أن يقف في صفّ النظام. يُضاف إلى ذلك أنه لاتوجد مبادئ توجيهية في الميثاق بشأن تنوّع المحتوى.2

ينصّ الميثاق على أن اتحاد الإذاعة والتلفزيون هو هيئة البثّ الوحيدة في البلاد. وللالتفاف على هذه القاعدة، عندما قررت مصر السماح لمحطات البثّ الفضائي الخاصة بدخول السوق، كان على الدولة أن تُعلِن مدينة الإنتاج الإعلامي الخاصة بها منطقةً حرّةً حتى يمكن منح هيئات البثّ العاملة هناك تراخيص للبثّ. كانت التراخيص تصدر عن الهيئة العامة للاستثمار في البلاد، وهي كيان لاعلاقة له بالبثّ أصلاً، وكانت تعتمد في الواقع على تقارير جهاز أمن الدولة لمنح تراخيص البثّ الفضائي لرجال الأعمال المتحالفين بصورة وثيقة مع نظام مبارك. وبخلاف ذلك، لاتوجد معايير معروفة لمنح تراخيص البثّ الفضائي في مصر.3

يعتمد اتحاد الإذاعة والتلفزيون مالياً على الحكومة، وهو مايشكّل تهديداً خطيراً آخر لاستقلاليته. وتظهر ميزانية الاتحاد للعام 2012 ديناً بواقع 19 مليار جنيه مصري، وهو ماكان يبلغ نحو 3.2 مليار دولار وفقاً لسعر الصرف في ذلك الوقت، ويعتبر ذلك دلالة واضحة على فشل إدارة اتحاد الإذاعة والتلفزيون.

التطورات الأساسية خلال الأعوام الخمسة والعشرين الماضية

شهد الإعلام المصري بعض التطوّرات الأساسية في تسعينيات القرن الماضي نتيجة إدخال قناة "سي ان ان" إلى العالم العربي، وإطلاق قناة الجزيرة وظهور شبكة الإنترنت.

"سي ان ان" 

أحدثت محطة "سي ان ان" ضجة كبيرة في مصر في العام 1991، عندما بثّت تغطية حيّة لحرب الخليج في كل منزل فيه بثّ تلفزيوني. كان البث الفضائي شيئاً جديداً جداً في مصر في ذلك الوقت، ولم تكن الصحافة التلفزيونية بالمعنى الغربي موجودة. كانت نشرات الأخبار تتألف في معظمها من مذيع يقرأ الأخبار من دون أن ينظر كثيراً إلى الكاميرا، وكانت الأخبار تتمحور حول اجتماعات الرئيس وكبار المسؤولين الحكوميين.

كانت طريقة عرض الأخبار وتقديمها في محطة "سي ان ان" صادمةً بالمقارنة مع الأخبار المصرية المملّة الخاضعة إلى سيطرة الدولة، ولذلك فهي لم تغيّر توقّعات المشاهدين وحسب، بل غيّرت طريقة تعامل وسائل الإعلام مع الأخبار أيضاً، حيث أدرك القائمون على الإعلام الحكومي أنه سيكون لزاماً عليهم أن يتكيّفوا مع نمط الإنتاج الجذاب في محطة "سي ان ان" أو المخاطرة بفقدان مشاهديهم. لكنهم سرعان ما استجابوا من خلال إدخال المؤثّرات السمعية والبصرية، والأهم من ذلك، صحافة الهرم المقلوب، حيث يتم عرض الأخبار بحسب أهميتها وفائدتها.

أدركت الحكومة أيضاً أنه مع إدخال القنوات الفضائية، لم يَعُد بالإمكان حجب المعلومات. وفي الوقت نفسه تقريباً، قدّمت مصر أول قناة فضائية عربية. في غضون ثلاث إلى خمس سنوات من بدء عملها، ظهرت موجة من القنوات الفضائية العربية الجديدة، تعلّم معظمها دروس الإنتاج، وكانت تعتمد بصورة كبيرة على الأسلوب الأمريكي في تقديم الأخبار، وعلى الإنتاج الدرامي المصري.

الجزيرة 

كان إطلاق قناة الجزيرة في العام 1996 العامل الرئيس الثاني الذي أثّر في تطور وسائل الإعلام في مصر. كانت الجزيرة أول قناة إخبارية عربية تبثّ على مدار الساعة، وقد أطلقها أمير قطر واعتمدت على مراسلين وصحافيين تلفزيونيين عرب مدرّبين تدريباً جيداً ممَّن سرّحتهم قناة بي بي سي العربية التلفزيونية.

كانت استقلالية محتوى قناة الجزيرة موضع شكّ في الغالب بسبب اعتمادها المالي على دولة قطر، ولأن أحد أفراد الأسرة الحاكمة في قطر يشغل منصب رئيس مجلس إدارتها. ومع ذلك، وحتى وقت قريب جداً، أدخلت قناة الجزيرة التلفزيونية الصحافة المهنية إلى العالم العربي وقدّمت نقيضاً صارخاً للأخبار التي تُعرَض على شاشة التلفزيون المصري. وقد انتقدت قناة الجزيرة بانتظام المسؤولين العرب والمصريين وكذلك الرؤساء، ومع ذلك، فهي لم تنتقد أبداً المسؤولين القطريين أو جماعة الإخوان المسلمين.4 تصرّفت قناة الجزيرة في الكثير من الأحيان باعتبارها بديلاً لوزارة الإعلام القطرية الملغاة وحتى لوزارة الخارجية القطرية أحياناً، وبأجندة سياسية واضحة دفعت القناة إلى انتقاد بعض البلدان أو الزعماء وتجنّب آخرين أو الثناء عليهم، في حين بقيت بمنأى عن السياسة القطرية. وقد اتّضح هذا أكثر من أي وقت مضى بعد إطاحة الرئيس المصري السابق محمد مرسي، عندما اتّخذت القناة موقفاً منحازاً مؤيّداً لجماعة الإخوان المسلمين. وبذلك ارتكبت القناة أخطاء وقائعية كبيرة، بما في ذلك بثّ احتجاجات كبيرة مناوئة لمرسي ووصفها بأنها مؤيّدة له.

يُنسَب الفضل إلى قناة الجزيرة بأنها هي التي بثّت أول برنامج حواري عربي، على غرار برنامج Crossfire الذي تبثّه محطة "سي ان ان". وقد أصبحت البرامج الحوارية بديلاً عملياً عن البرامج الإخبارية في مصر، لأن ميثاق اتحاد الإذاعة والتلفزيون ينصّ على أن التلفزيون الحكومي هو وحده الذي يمتلك الحق في بثّ الأخبار. وعليه، فقد كان مقدّم البرنامج الحواري "يتحدث" عن أخبار اليوم بأسلوب غير رسمي، ثم يدعو الضيوف إلى مناقشة هذه الأخبار أو القضايا المهمة الأخرى.

حقّقت البرامج الحوارية نجاحاً استثنائياً في مصر، ترافق مع مشاركة المواطنين من خلال المكالمات الهاتفية ولاحقاً من خلال شبكات التواصل الاجتماعي أيضاً. وبالتالي، مكّنت مشاهدة المناقشات الحيّة كل ليلة، حتى حول الموضوعات التي تندرج ضمن الخطوط الحمراء، المصريين من الاطّلاع على شكل جديد من الحوار وتنوّع الآراء. ومثّلت مشاركة المواطنين نوعاً جديد من الديمقراطية، وساعدت على بناء روح المشاركة التي لم تكن موجودة من قبل. وقد اقترن هذا مع تطوّر مهم آخر جرى في العام 2001، عندما سمحت مصر للقنوات الفضائية الخاصة بأن يكون لها حضور على الساحة، والتي بدأت بقناة "دريم" في العام 2001، وقناة "المحور" في العام 2002. وتبع ذلك ظهور قنوات أخرى في العام 2008، بما فيها قناة "الحياة" و"أون تي في". وتعرض هذه القنوات بعض البرامج الحوارية المسائية الأكثر شعبية في العالم العربي.

الإنترنت 

أُدخِلَت الإنترنت إلى مصر في العام 1993، قبل أي بلد عربي آخر. حدث هذا في الوقت نفسه تقريباً الذي ازدهرت فيه تكنولوجيا البثّ الفضائي في المنطقة، وأصبحت أسعارها مقبولة. وبحلول منتصف تسعينيات القرن الماضي، وجد المصريون كمّاً غير مسبوق من المعلومات في متناول أيديهم.

شكّلت شبكة الإنترنت عاملاً ديمقراطياً جديداً في المنطقة، تجاوز في تأثيره القنوات الفضائية، لأن ملكية هذه القنوات كانت تتركّز في أيدي عدد قليل من رجال الأعمال، الذين كانوا جميعاً حلفاء لنظام مبارك. وقد أوصلت شبكة الإنترنت، بإطارها اللامركزي والكمّ الهائل من المعلومات التي تحويها، فكرة المجال العام إلى مستوى جديد في مصر.5

وفّرت شبكة الإنترنت إمكانية الوصول إلى مواقع إخبارية عالمية تتمتع بالمصداقيّة مثل "سي ان ان" و"بي بي سي" و"رويترز" وغيرها. ومع ذلك، قفزت إمكانية الوصول إلى المعلومات إلى مستوى مختلف تماماً مع إدخال تقنيات الويب 2.0، التي سمحت بمزيد من التفاعل، وجعلت من السهل كثيراً على مستخدم الإنترنت العادي أن يصبح مزوّداً للمحتوى ومصدراً للخبر من خلال المدوّنات وشبكات التواصل الاجتماعي، وبالتالي خلقت مجالاً عاماً جديداً في مصر.6 كان الوصول إلى المواقع الإخبارية التي تحظى بالمصداقية يعني أن مستخدم الإنترنت يمتلك القدرة على الوصول غير المحدود إلى المعلومات بطريقة من شأنها أن تجعل من المستحيل على الحكومة فرض رقابة عليها، بل إنه في بعض الأحيان حيث حاولت الحكومة إجبار مطبوعة مصرية على حذف قصة ما، أصبحت القصة متاحة بسرعة سواء على موقع الويب الخاص بالمطبوعة أو من خلال البريد الإلكتروني، وبعد ذلك على شبكات التواصل الاجتماعي.7

النشاط السياسي على الإنترنت في مصر 

قامت ثورة 25 يناير بمساعدة الإنترنت. لم تكن شبكة الإنترنت سبب الثورة، لكنها كانت بمثابة محفّز لها وساعدت في تسهيل الأمور وتنظيمها وتسريعها. فقد لعبت شبكة الإنترنت، وشبكات التواصل الاجتماعي على وجه الخصوص، دوراً مهماً في إعداد قطاعات معيّنة من المجتمع لهذه اللحظة وتنظيمها ومساعدتها على التعبئة عندما حانت اللحظة المناسبة.

في هذا الصدد، من المهم أن نلاحظ أن ثورة 25 يناير لم تبدأ في العام 2011، وأنها لم تنتهِ آنذاك، فهي لاتزال مستمرة. إضافة إلى ذلك، فإن الكثيرين ممَّن ملأوا الساحات في مصر خلال الأيام الثمانية عشر التي أطاحت مبارك، إن لم يكن معظمهم، لم يكونوا من مستخدمي الإنترنت. ومع ذلك، فإن شبكة الإنترنت هي التي وفّرت نقطة البداية التي نظّمت الحشود وجمعتها.8

صعود المدوّنين 

برز مفهوم النشاط السياسي على الإنترنت في مصر مبكراً، مع إدخال التقنيات التفاعلية التي أحيت مفهوم الويب 2.0. وحوالى العام 2005، ركّزت ثقافة التدوين على القضايا السياسية التي فيس بوك تفجّرت في مصر بطريقة لم يسبق لها مثيل في العالم العربي. وسرعان ما أصبح بضعة مدوّنين مصريين نجوماً بين أقرانهم من شباب العالم العربي، لأنهم غامروا في مواضيع لم يكن أحد يجرؤ على تناولها من قبل. كانت النزاهة، بل الفظاظة، التي تناول بعض هؤلاء المدوّنين النجوم من خلالها القضايا السياسية، مفاجِئةً وصادمةً في بعض الأحيان، في بلد يشتهر بأن لديه خطوطاً حمراء خطيرة، ولاسيما في مايتعلّق بالرئاسة. اختار معظم المدّونين السياسيين المصريين التدوين بأسمائهم الحقيقية، ما أضفى على مايكتبون المزيد من المصداقيّة، وجعل المدوّنين أكثر إثارة للإعجاب في أعين متابعيهم. وعلى الرغم من أن الحكومة المصرية لم تحجب المواقع أو تراقب المدوّنات، تعرّض المدوّنون أنفسهم إلى مضايقات أمن الدولة، وغالباً مايحدث هذا بعيداً عن عالم الإنترنت، إذ تم اعتقال العديد منهم أو استجوابهم على الأقل من جانب رجال الأمن، وهو مايعدّ شاهداً على تأثيرهم المحتمل المتصوّر.9

خلق التدوين مساحةً للوعي السياسي والنقاش كانت جديدة وطارئة على المنطقة. وأدرك بعض المدوّنين الشباب أن لديهم عدداً من المتابعين يتجاوز أرقام توزيع الصحف اليومية المصرية الكبرى، وهو ماشجّعهم على الاستمرار ومحاولة توسيع دوائر نفوذهم.

كان من بين أفراد الجيل الأول من المدوّنين المصريين النجمان علاء عبد الفتاح وزوجته منال حسن، اللذان فازا بـ"الجائزة الخاصة" في مسابقة منظمة "مراسلون بلا حدود" - "دويتشه فيله" لجوائز المدونات الدولية (أفضل المدونات) للعام 2005. تولّى الزوجان إدارة مدوّنة Manal and Alaa’s Bit Bucket النشطة جداً التي عملت على توثيق النشاط والقضايا الساخنة المتعلقة بالشأن السياسي خارج شبكة الإنترنت في مصر. ونوَّهت جائزة "أفضل المدوّنات" بمدوّنة الزوجين باعتبارها مصدر معلومات مفيداً لحركة الإصلاح الديمقراطي وحقوق الإنسان في البلاد.

هناك مدوّن مصري آخر هو وائل عباس، الذي حصل، من بين العديد من الجوائز الأخرى، على "جائزة فارس الصحافة الدولية" للعام 2007 من المركز الدولي للصحافيين بسبب "رفعه معايير التميّز الإعلامي" في بلاده. وقد شكّل هذا تطوّراً مهماً لجملة من الأسباب، إذ كان وائل (وزملاؤه المدونون) نشطاً للغاية في محاولة إبراز بعض القضايا إلى الواجهة، والتي كانت لولاه ستمرّ من دون أن يلاحظها أحد، بما في ذلك قضايا تزوير الانتخابات ووحشية الشرطة. وقد ساعد عمل وائل عباس (ونشطاء آخرين) على قضية معيّنة، حيث قام رجال الشرطة بتعذيب سائق ميكروباص واغتصابه في مصر، في دفع الحكومة المصرية إلى تقديم الضباط للمحاكمة، حيث أدين اثنان من رجال الشرطة، وحُكِم عليهما بالسجن مدة ثلاث سنوات. وكانت تلك أيضاً المرة الأولى التي يحصل فيها مدوّن، وليس صحافي تقليدي، على هذه الجائزة الصحافية المرموقة، وهو مامثّل شاهداً على قيمة التدوين واعترافاً بأن صحافة المواطن الجيدة هي في الواقع صحافة.

في الوقت الذي أصبح التدوين يحظى بالشعبية في مصر، بدأت بضع حركات سياسية بتكريس حضورها على شبكة الإنترنت لمساعدتها على تنظيم أنشطتها بعيداً عن شبكة الإنترنت. كانت حركة "كفاية" هي الأسبق من بين تلك الحركات.10 أما تظاهرات حركة "كفاية"، والتي لم تغطّها وسائل الإعلام التقليدية، فجرى الإعلان عنها لمستخدمي الإنترنت في مصر من خلال المدوّنات وموقع يوتيوب، الذي كان الوسيلة التي سمع الكثير من المصريين من خلالها هتاف "يسقط حسني مبارك" للمرة الأولى. بل إن قدرة المدوّنين على وضع روابط الفيديو من موقع يوتيوب على مدوّناتهم منحتهم قدراً أكبر من المصداقيّة وعدداً أكبر من المتابعين، ذلك أنه كان بوسع المتابعين معاينة أشرطة الفيديو لتأكيد مضمون المدوّنة والحصول على لمحة عن الجو العام. وقد رفع المدوّنون المصريون النجوم مثل علاء عبد الفتاح ومنال حسن ووائل عباس ومالك مصطفى وسواهم المئات من أشرطة الفيديو التي تصوّر وحشية قوات الشرطة، وتزوير الانتخابات، والتحرّش الجنسي خلال التظاهرات، والعديد من الانتهاكات الأخرى للحقوق المدنية والسياسية.

تأثير فيس بوك 

شكّلت شبكات التواصل الاجتماعي الحدث المهم التالي، حيث غيّرت تماماً ديناميكيات التفاعل عبر شبكة الإنترنت. كان هذا هو الفضاء الذي يمكّن للمستخدمين الادّعاء بأنه ملكهم، والذي يمكّنهم من الحصول على متابعين والاطّلاع على آخر المستجدّات والأحداث، والتفاعل مع الآخرين، وكل ذلك بالنقر على فأرة الكمبيوتر. اكتسب موقعا فايسبوك، وتويتر في وقت لاحق، قدراً كبيراً من الشعبية لدى الشباب المصريين. وقد لقّنت بنية فيس بوك على وجه الخصوص (والطريقة التي استخدمه النشطاء من خلالها) في نهاية المطاف الشباب المصري بضعة دروس في الديمقراطية.11

كان الشباب المصريون الذين لم يسبق لهم أن شاركوا سياسياً، أو حتى لم يكونوا مهتمين بالمشاركة، هم الأكثر تأثّراً بشبكات التواصل الاجتماعي من حيث النشاط، إذ تم اجتذاب هذه المجموعة للمشاركة في الحياة السياسية (وفي الممارسات الديمقراطية بما في ذلك الحق في تشكيل الرأي السياسي والتعبير عن أفكارهم) من خلال موقع فيس بوك، وتم اجتذابهم للمشاركة عن طريق ناشطين محنّكين على الإنترنت، وعن طريق جوانب أخرى غير سياسية من موقع فيس بوك، مثل البنية الأفقية التي بُني هذا الوسيط الاجتماعي حولها.

لقّنت البنية الفريدة لموقع فيس بوك، والتي تتميّز بصفحات يمكن لكل مستخدم التحكّم من خلالها في التجربة والخطاب، الشباب المصري العديدَ من الدروس. الدرس الأول هو أن هناك فضاءً يمكنهم اعتباره ملكاً لهم، ويُعَدّ ذلك أمراً مهمّاً في بلد قمعيّ لايتم التسامح فيه مع الآراء، ولاسيّما السياسية منها. وقد وفّرت الشبكات الاجتماعية فضاءً لم يكن متوفراً في السابق، حيث يمكن لشباب مصر التعبير عن أفكارهم. وتمثّل الدرس الثاني في أن موقع فيس بوك أطلع الشباب المصري وعوّده على نمط من "التواصل الأفقي" الذي لم يتمتّعوا به في بلادهم. كانت القاعدة بالنسبة إلى الشباب في مصر هي أنهم دائماً مايخاطَبون بفوقيّة بدل أن يتم التحدّث إليهم أو بدل أن يشاركوا في الحديث. كان التواصل مع الشباب عمودياً في العادة وموجّهاً إليهم من جانب شخصيات سلطوية، بما في ذلك والديهم ومعلّميهم والحكومة. لم تكن لدى الشباب فرصاً للمشاركة في أحاديث حول القضايا الاجتماعية التي تهمّهم وتؤثّر على حياتهم اليومية، وبالتالي لم يكن التواصل الأفقي النابع من المساواة المفترضة موجوداً.

فضلاً عن ذلك، كان التواصل عمودياً بالنسبة إلى الجميع وليس إلى فئة الشباب وحسب ضمن السياق السياسي، فالأنظمة الاستبدادية لاتسمح بقدر كبير من التواصل الأفقي، حيث تبلّغ الحكومة الجميع بما يجب القيام به. ومن ثم كانت الفرصة ضئيلة أو معدومة للوقوف على الآراء المختلفة أو للاستماع إلى أي شخص.

لكن الشبكات الاجتماعية غيّرت ذلك كله، أولاً من خلال الحوارات التي لم تكن بالضرورة ذات طابع سياسي، لكنها أدّت إلى نوع أكثر ديمقراطيةً من التواصل. وقد ساعد هذا الشباب المصريين على معرفة أن لديهم صوتاً، وأن لهم الحقّ في التعبير عن رأيهم.

من الجائز أن يكون الشباب المصريون قد نمّوا شعوراً بالولاء تجاه وظائف معيّنة في فيس بوك، لأن هذا الموقع أتاح لهم من الديمقراطية ما لم تُتِحْه لهم مصر قبل الثورة. فقد أتاح لهم فيس بوك فرصة التعبير عن أفكارهم بلا قيود ومن دون أي تدخّل من جانب السلطة. وعلى عكس القادة في حكومتهم، لم يعذّب مسؤولو فيس بوك المعارضين السياسيين والصحافيين، ولم يسجنوا المواطنين الصحافيين. ربما يكون الاستخدام المتكرّر لفيس بوك قد خلق إحساساً بالمشاركة لم يكن موجوداً في المجتمعات خارج شبكة الإنترنت في مصر، الأمر الذي ساهم في جعل الشباب المصري أكثر جرأةً في مطالبهم السياسية، لأنهم علموا أنهم ليسوا وحدهم، وأن هناك قوة في الأعداد البشرية، وخصوصاً عند القيام بنشاط حسّاس أو يُحتمل أن يكون خطراً (مثل التظاهر).12

كانت المرة الأولى التي رأى فيها المصريون هذا الأمر بصورة عملية في العام 2008. كان هناك احتجاج للمطالبة بزيادة الأجور ومزايا أكثر عدالة من الناحية الاجتماعية نظّمه عمال في مدينة المحلّة الكبرى الصناعية. قرّرت إسراء عبد الفتاح، الناشطة التي كانت تبلغ حينئذ الثامنة والعشرين من العمر، تشكيل مجموعة على موقع فيس بوك وعمل نشاط لـ"إضراب 6 أبريل"، يدعو الناس إلى دعم نضال عمّال المحلّة من خلال الامتناع عن الذهاب إلى العمل، على سبيل المثال، وعدم إرسال أطفالهم إلى المدارس، والامتناع عن التسوّق لهذا اليوم الواحد. وصلت أخبار مجموعة الفيس بوك إلى وسائل الإعلام التقليدية، وهو ماشكّل مفاجأة للجميع (بمَن فيهم عبد الفتاح)، وانضمّ أكثر من 73 ألف شخص إلى المجموعة، وهو عدد غير مسبوق لمجموعة مصرية على موقع فيس بوك. وبسبب عاصفة رملية سيئة والخوف من الحضور المفرط للشرطة في الشوارع، قرّر كثيرون البقاء في منازلهم في ذلك اليوم تضامناً مع عمّال المحلّة، ماجعل شوارع مصر فارغة تقريباً.

على الرغم من أن عبد الفتاح اعتُقِلَت لمدة أسبوعين بعد ذلك، ساعدت الحادثة النشطاء السياسيين على إدراك قوة شبكات التواصل الاجتماعي في اكتشاف فكرة ما وحشد الدعم لها من حيث العمل. وبالتالي، نمت حركة "شباب 6 أبريل" من خلال هذه التجربة التي جذبت العديد من الشباب، وكان لها دور أساسي في التنظيم من أجل الثورة. 

لعبت صفحة "كلنا خالد سعيد" على موقع فيس بوك هي الأخرى دوراً أساسياً في إعداد الشباب للثورة، في الوقت الذي بيّنت قوة الأعداد البشرية وقدرتها على التأمين. كان خالد سعيد شاباً مصرياً يبلغ من العمر الثامنة والعشرين، تعرّض إلى الضرب بوحشية حتى الموت من جانب مخبرين للشرطة خارج أحد مقاهي الإنترنت في الإسكندرية في حزيران/يونيو 2010. وقد أطلق أصدقاؤه صفحة "كلنا خالد سعيد" على موقع فيس بوك بعد مرور وقت قصير على ذلك. تمثّل أول نشاط للصفحة في دعوة أعضائها، الذين تزايدت أعدادهم باطّراد، إلى الخروج في وقفات احتجاجية صامتة وهم يرتدون القمصان السوداء ويديرون ظهورهم للشارع. بدأت الاحتجاجات في الإسكندرية وسرعان ما انتشرت في جميع أنحاء مصر، حيث تضخّمت الأعداد مع كل احتجاج.

كانت صفحة "خالد سعيد" فعّالة للغاية في تنظيم أعضائها واكتسبت مصداقيّة كبيرة مع مرور الوقت. وقد تم تزويد المتظاهرين بالأوقات والمواقع الدقيقة للتظاهرات، وإعطائهم تعليمات محدّدة حول مايجب أن يرتدوه ومايجب أن يقوموا به، وكذلك أرقام الطوارئ للاتصال بها في حال حدوث مشكلة. وكان مسؤولي الصفحة قد اعتادوا أن يجروا استطلاعات للمستخدمين، وأن يطلبوا منهم التصويت على مكان أو وقت الاحتجاج التالي. كان الآلاف يشاركون في تلك الاستطلاعات، ومن ثم يقوم المشرفون بتصنيف الأصوات ويلبّون رغبات الأغلبية، الأمر الذي يتيح للمستخدمين استساغة طعم الديمقراطية التي لم تكن موجودة في ذلك الوقت. وبمرور الوقت، أصبحت الصفحة ذات شعبية كبيرة، وعندما حانت اللحظة المناسبة، كانت صفحة "خالد سعيد" هي التي نشرت "الفعّاليات" الخاصة بالتظاهرات الضخمة يوم 25 يناير الذي يصادف عيد الشرطة في مصر.

كانت الفعّاليات التي أعلنت عنها الصفحة منظّمة للغاية، حيث أوردت أماكن مفصّلة للتجمّع في الساحات الكبرى في جميع المحافظات المصرية، إضافةً إلى تعليمات مفصلة حول الملبس المفضل والأشياء التي يجب أن يحملها المتظاهرون معهم، ومعلومات الاتصال في حالات الطوارئ في كل محافظة. ولم يمضِ وقت طويل حتى وصلت الدعوة إلى أكثر من مليون شخص على موقع فيس بوك، حيث أشار أكثر من 100 ألف إلى أنهم سيحضرون.

شجّعت هذه الأرقام الكثيرين ممَّن لم يكونوا يشاركون في تظاهرة قطّ على الخروج والمجازفة في 25 كانون الثاني/يناير. وعليه، بدا أن العدد الكبير لمَن أشاروا إلى أنهم سيشاركون، حتى إن لم يشارك سوى نسبة مئوية صغيرة منهم، كافياً لضمان أمان نسبي للمتظاهرين. ولعل ماعزّز الأرقام أكثر هو أن أخبار 25 يناير قد وصلت إلى وسائل الإعلام التقليدية، وخصوصاً في البرامج الحوارية المسائية، إذ كانت هذه البرامج وستبقى مصدراً مهماً للمعلومات بالنسبة إلى المواطن المصري العادي، الذي قد لايستطيع الوصول إلى الإنترنت. وكانت لتلك البرامج أيضاً أهمية كبرى خلال الأيام الخمسة التي قطعت فيها الحكومة المصرية جميع اتصالات الإنترنت في محاولة لإضعاف القوة الدافعة للمحتجين.

الإعلام المصري يلامس موجات الثورة 

الأيام الثمانية عشر
(25 كانون الثاني/يناير - 11 شباط/فبراير 2011) 

لم يطرأ تغيير كبير على وسائل الإعلام الحكومية مع انطلاق الموجة الأولى للثورة.
في عهد مبارك كان مجلس الشورى (الغرفة الثانية في البرلمان المصري) هو الذي يعيّن رؤساء تحرير الصحف الحكومية، الذين كانوا يرتبطون على الدوام بالنظام بصورة وثيقة. وعليه، أمّن هذا الترتيب تغطية مواتية للنظام في جميع الأوقات، وتغطية واسعة لكل خطوة يخطوها مبارك في إطار خطاب القائد الأعلى وشخصية الأب والحامي الحكيم للدولة والشعب. لذا، اعتاد قرّاء الصحف الحكومية على عناوين رئيسة من قبيل "مبارك أكثر زعيم يثق به شعبه بين شعوب العالم"،13 أو على اكتشاف أن صورة مبارك في البيت الأبيض وهو يتقدّم الرئيس الأمريكي باراك أوباما وغيره من زعماء العالم، قد تم التلاعب بها لوضع مبارك في مقدّمة الصورة.14

حافظت ماتسمّى بالصحافة القومية على ولائها للنظام حتى قبل أيام قليلة من إطاحة مبارك يوم 11 شباط/فبراير 2011. ففي الثالث من شباط/فبراير، جاء العنوان الرئيس في صحيفة الأهرام على النحو التالي: "الملايين يؤيدون مبارك في مسيرات بالمحافظات" في الوقت الذي كان الملايين في الشوارع يطالبونه بالتنحّي. وفي 12 شباط/فبراير، غيّرت الأهرام لهجتها تماماً، حيث كان العنوان الرئيس فيها: "الشعب أسقط النظام".

مع ذلك، استمرت الصحف المملوكة للدولة في خطابها السابق، مع فارق وحيد هو أنه تم استبدال مبارك بالمجلس الأعلى للقوات المسلحة. فالصحف نفسها التي مجّدت مبارك ومن ثمّ شعب مصر لفترة وجيزة جداً، سرعان مابدأت تمجّد المجلس العسكري وزعيمه في ذلك الوقت، المشير حسين طنطاوي،15 في حين بقيت العقلية الاستبدادية مكانها كما عكستها وسائل الإعلام. أصبح الجيش هو المنقذ، وأصبح كل مَن يتحدّث ضده أو يهاجمه مهدداً بالمحاكمات العسكرية.
لم يختلف التلفزيون الحكومي عما يماثله من وسائل إعلامية مطبوعة. فخلال الأيام الثمانية عشر من الموجة الأولى للثورة، ركّزت محطات التلفزيون المملوكة للحكومة على تمجيد مبارك وعلى تشويه سمعة المتظاهرين، في حين تجاهلت الاحتجاجات المناهضة للنظام والتي تطالبه بالتنحّي. واعتبر مقدّمو البرامج الحوارية والضيوف على شاشة التلفزيون المملوكة للدولة خالد سعيد تاجرَ مخدرات واتّهموا المحتجّين بكل شيء من كونهم حفنة من الشباب الضائع الذي يقيم حفلات عربدة جنسية في ميدان التحرير إلى كونهم عملاء لحكومات أجنبية. وركّزت الكاميرات المنصوبة حول منطقة وسط القاهرة على عرض منظر نهر النيل الهادئ من الجسور القريبة في حين كان المتظاهرون يتعرّضون إلى القتل على بعد بضع مئات من الأمتار. وعرضت القنوات الإخبارية أفلاماً عن أنواع الفيلة في أفريقيا بدلاً من أن تقدّم تغطية مستمرة لما يجري من تظاهرات في ميدان التحرير والتظاهرات الكبرى الأخرى في كل مدينة.16 وقد حمل بعض المتظاهرين في أنحاء الجمهورية لافتات تتّهم وسائل الإعلام الحكومية بالكذب.17

حاول بعض الصحافيين والمذيعين الأفراد داخل المؤسّسات الإعلامية الحكومية أن يقاوموا ذلك. استقالت نائب رئيس قناة النيل احتجاجاً على تغطية القناة المتحيّزة لصالح النظام، وكشفت عن أنه لم يسمح لها أن تقول إن المتظاهرين طالبوا باستقالة مبارك. وهدّد عدد قليل من الصحافيين الشباب بالاستقالة إذا لم يسمح لهم بتغطية الاحتجاجات الواسعة المناهضة لمبارك. وقد ازداد هذا الضغط على رؤساء التحرير عندما قُتِل اثنان من صحافيي الأهرام، وأُلقي القبض على عشرات الصحافيين من جانب الحكومة.18 وعندما بدا أن مسار الأحداث بدأ بالتحوّل لصالح الثورة، مالَ رؤساء التحرير باتجاه الثوار بدرجات مختلفة حتى بعد ظهر يوم 11 شباط/فبراير عندما تنحّى مبارك. ثم بدأت وسائل الإعلام الحكومية بالثناء على الثوار على نطاق واسع كأنهم منهم. 

أما القنوات الفضائية الخاصة فقد اختلفت في مستوى تأييدها لمبارك أو المتظاهرين الذين تعهّدوا بإسقاطه. العديد من هذه القنوات يملكها رجال أعمال ممَّن كانوا يرتبطون بتحالف وثيق مع نظام مبارك، لذلك حاولت قدر الإمكان الدفاع عن النظام وتشويه سمعة المتظاهرين. فمثلاً أظهر أحد البرامج الحوارية المسائية الذي يقدّمه صحافيان حكوميان فتاة شابة حضرت لتقديم اعترافاتها أمام الشعب المصري. ادّعت الفتاة أنها ذهبت مع بعض النشطاء البارزين في رحلات إلى صربيا حصل كل منهم خلالها على مبلغ 50 ألف دولار وحضروا ورش عمل حول كيفية قلب نظام الحكم، أشرف عليها مدرّبون من إيران وإسرائيل. انهارت الفتاة باكيةً وهي تتوسّل الجمهور أن يغفر لها ويقف إلى جانب مبارك ضد الخونة الذين يحاولون بيع بلادهم إلى عملاء أجانب. وبعد بضعة أيام تبيّن أن الفتاة الشابة زميلة لمقدّم البرنامج الحواري، واعترفت بأن الواقعة كلها كانت مفبركة.19

كان هناك عدد قليل من القنوات التلفزيونية الخاصة وبعض البرامج المحدّدة على القنوات الأخرى التي اختارت الوقوف إلى جانب الثورة خلال الأيام الثمانية عشر الأولى، وحاولت تغطية مايجري في الساحات المصرية بقدر المستطاع. وقد سَعَت إلى استضافة ضيوف متوازنين، بما في ذلك النشطاء والمثقّفين، فضلاً عن ممثّلين عن الحكومة والحزب الوطني الديمقراطي. حظيت هذه البرامج، فضلاً عن تغطية القنوات غير المصرية مثل قنوات الجزيرة والعربية و"سي  ان ان"، بالشعبية لدى الجمهور الذي كان يحاول معرفة مايجري في الساحات المصرية. وبالتالي واجه العديد من هذه الوسائل بعض المضايقات من جانب الحكومة، بما في ذلك قناة الجزيرة، التي أغلقت الحكومة مكاتبها خلال الأيام الثمانية عشر.20

ونظراً إلى أهمية الدور الذي لعبته شبكات التواصل الاجتماعي في الإعداد للثورة، لن تكون دراسة حال الإعلام خلال الأيام الثمانية عشر كاملة من دون مناقشة دور الإنترنت والهواتف النقالة. بدأت الحكومة جهودها الرقابية عبر حجب موقع تويتر يوم 25 كانون الثاني/يناير. وعندما توقّفت خدمة تويتر، بدأ النشطاء على الفور ترويج معلومات على موقع فيس بوك حول خوادم فرعية (بروكسي) وبرامج يمكن للمستخدمين تحميلها للإفلات من الرقابة. وعندما تم حجب موقع فيس بوك بعد بضع ساعات، كان العديد من المستخدمين قد حمّلوا بالفعل طرقاً بديلة للوصول إلى المواقع المحجوبة.

بحلول يوم 28 كانون الثاني/يناير، أدركت الحكومة أن الطريقة الوحيدة لمنع الوصول إلى هذه المواقع تماماً، تتمثّل في قطع جميع وسائل الوصول إلى شبكة الإنترنت، لذا أُغلِقَت كل خدمات الهاتف المحمول والإنترنت في جميع أنحاء البلاد. وحُجِبَت خدمات الهاتف المحمول لمدة يوم ونصف اليوم. أما خدمة الإنترنت وخدمات الرسائل التلفونية، فبقيت معطَلةً لأكثر من خمسة أيام.21

حقبة المجلس العسكري
(12 شباط/فبراير 2011، 29 حزيران/يونيو 2012) 

علّق الكثير من المصريين آمالاً كبيرة على إصلاح الإعلام في مصر بعد اندلاع الثورة. ومع سقوط مبارك بعد ثلاثين عاماً من الحكم الدكتاتوري، ظنّ الكثيرون أن كل أحلامهم لهذا البلد سوف تتحقّق مستقبلاً، بما في ذلك الحلم بوجود إعلام مستقل.

في الأسابيع الأولى من حكم المجلس العسكري قالت السلطات إنه لم تَعُد هناك حاجة إلى الحصول على موافقات أمن الدولة للموافقة على تراخيص البثّ التلفزيوني. ازدادت الآمال بحرية التعبير وتعدّد الأصوات، حيث بدأت ست عشرة قناة تلفزيونية فضائية خاصة جديدة في البث. وفي شباط/فبراير 2011 تم إلغاء وزارة الإعلام، الأمر الذي أفرح دعاة حرية التعبير كثيراً. مع ذلك، لم يُقدَّر لهذه التوجّهات أن تستمر طويلاً.

في أعقاب سقوط مبارك مباشرة، مجّد الإعلام الحكومي الثوار طالما أن ذلك لم يكن يتعارض مع تمجيد المؤسسة العسكرية. وأصبح كل مايتعلق بالثورة حديث الساعة، حيث أصبح النشطاء ضيوفاً دائمين على البرامج الحوارية وأجروا مقابلات صحافية متكرّرة. وبدأت الخطوط التحريرية تشير إلى أن مبارك كان دائماً الخطر المطلق، وأن الثوار ملائكة مطلقة والجيش هو منقذ الثورة.

بعد فترة شهر عسل وجيزة جداً، بدأ تمجيد وسائل الإعلام الحكومية للنشطاء يتقلّص لصالح المجلس العسكري للقوات المسلحة. في الوقت نفسه، بدأت أوجه قصور إدارة المجلس العسكري للفترة الانتقالية في الظهور. واتّضح أن أحلام الشعب الأولية بقيام نظام إعلامي حرّ لم تتحقّق. على عكس ذلك، بدأت حرية التعبير تواجه بعض التهديدات والتحدّيات الخطيرة عندما بدأ النظام بتضييق الخناق على الحريات الإعلامية. وأُعيدَت وزارة الإعلام في تموز/يوليو في خطوة اعتبرها العديد من المدافعين عن وسائل الإعلام مثيرة للقلق،22 إذ كان وزير الإعلام المعيَّن، أسامة هيكل، قد بدأ حياته المهنية كمراسل عسكري لصحيفة الوفد.

بعد ذلك بوقتٍ قصير، أصبح الإعلام الحكومي مؤيّداً قوياً للنظام العسكري، وقام بحملات تشهير لتشويه سمعة الثوار. وأشار تقرير نشرته مجلة "تايم" الأميركية إلى أن البرامج الحوارية في محطات الإعلام الحكومي كانت مليئةً بالألفاظ المعادية للمحتجين، حيث صوّرت الثوار باعتبارهم "بلطجية" وحذّرت من "التدخّل الأجنبي" في الشؤون المصرية، ومن تزايد انعدام الأمن وارتفاع معدلات الجريمة". أما التظاهرات المناهضة للمؤسسة العسكرية فقد "وُصِفَت بأنها أحداث خطيرة ومزعزعة للاستقرار يحرّكها عملاء أجانب".23

تعرّض الأشخاص الذين انتقدوا المؤسسة العسكرية إلى الترهيب من جانب النظام بوسائل عديدة. ففي أوائل آذار/مارس 2011، بدأت المؤسسة إخضاع المدوّنين والصحافيين إلى محاكمات وتحقيقات عسكرية.

كانت حالة المدوّن مايكل نبيل سند من بين الحالات التي حظيت باهتمام معظم وسائل الإعلا.، فقد حكمت عليه محكمة عسكرية في آذار/مارس 2011 بالسجن ثلاث سنوات بتهمة "إهانة الجيش" بعد أن كتب مقالاً على مدوّنته بعنوان "الجيش والشعب عمرهم ماكانوا ايد واحدة". وقد أُفرِج عنه من خلال عفو عام في كانون الثاني/يناير 2012 بعد حملة واسعة قام بها ناشطون في مجال حقوق الإنسان.24

وظهر المدوّن حسام الحملاوي في برنامج حواري تلفزيوني في أيار/مايو 2011 حيث انتقد المشهد السياسي، قائلاً إن الشيء الوحيد الذي يبدو أنه تغيّر هو عناوين الأغاني التي تدعم النظام، والتي تحوّلت من تمجيد مبارك إلى تمجيد المجلس العسكري. وقد حمّل الحملاوي المؤسسة العسكرية المسؤولية عن احتجاز متظاهرين عدة وتعذيبهم. وبعد بضعة أيام، طُلِب من الحملاوي ومقدّمة البرنامج الحواري ريم ماجد المثول أمام نيابة عسكرية. أُطلِق سراح الاثنين، وقيل لهما إنه تم استدعاؤهما من أجل "الدردشة".25

جرى استدعاء الصحافية رشا عزب وعادل حمودة رئيس تحرير الصحيفة التي كانت تعمل فيها للمثول أمام النيابة العسكرية في مطلع حزيران/يونيو، حيث اتّهما بـ"نشر أخبار كاذبة ما قد يسبّب الفوضى". وكانت عزب تحدثّت في تقرير لها عن لقاء بين أعضاء المجلس العسكري وناشطين ينتمون إلى مجموعة "لا للمحاكمات العسكرية للمدنيين".26

وشملت قائمة الصحافيين والمدوّنين الآخرين الذين أُخضِعوا إلى محاكم أو نيابات عسكرية، يسري فودة، وعلاء عبد الفتاح، ونوارة نجم، وبثينة كامل، وأسماء محفوظ، ونبيل شرف الدين، وأحمد رمضان، وإسلام أبو العز. وقطع مقدّم البرامج الحوارية يسري فودة برنامجه ذي الشعبية مرتين في العام 2011 احتجاجاً على الضغوط التي يتعرّض إليها لفرض رقابة على المواد أو في اختيار الضيوف.27 واعتُقِل المدوّن علاء عبد الفتاح، واتُّهم بالتحريض على العنف ضد الجيش خلال التظاهرات التي جرت في 9 تشرين الأول/أكتوبر خارج مبنى التلفزيون الحكومي المصري "ماسبيرو"، والتي قُتِل فيها 28 شخصاً وجُرِح أكثر من 321. 28 أمضى عبد الفتاح ستةً وخمسين يوماً في السجن على ذمّة التحقيق، قبل أن يُطلَق سراحه وتتمّ تبرئته في نهاية المطاف.29 وقد وثّقت لجنة حماية الصحافيين أكثر من مئة حالة من الانتهاكات ضد الصحافيين والمدوّنين في عهد المجلس الأعلى للقوات المسلحة.

كانت بعض هذه الانتهاكات نتيجة الرقابة الذاتية من جانب أصحاب القنوات أو المديرين الذين لم يسمحوا بوجهات نظر قد تُعتبَر مناهضةً للمؤسسة العسكرية. على سبيل المثال، فَصَلَ صاحب قناة "دريم" رجل الأعمال، أحمد بهجت، مقدّمة البرامج الحوارية دينا عبد الرحمن في تموز/يوليو 2011، بعد أن عرضت مقال رأي مناهضاً للمجلس العسكري كتبته الصحافية نجلاء بدير. وقد اتصل ضابط رفيع في الجيش بالبرنامج على الهواء للاعتراض على عرض المقال، وجرى فصل دينا عبد الرحمن بعد ذلك بوقت قصير.30

لم تقتصر الحملة على الصحافيين والمدوّنين الأفراد وحسب، بل شملت المؤسّسات أيضاً. في أوائل آذار/مارس 2011 أصدر المجلس العسكري تحذيراً للصحافيين والمحرّرين يمنع نشر أو بثّ أي (مواضيع وأخبار وبيانات وشكاوى وإعلانات وصور) تتعلق بالقوات المسلحة أو قادة القوات المسلحة بدون التشاور أولاً مع إدارة الشؤون المعنوية وإدارة المخابرات العسكرية وجمع المعلومات، باعتبارها السلطات المتخصصة في مراجعة مثل هذه الموضوعات. في ذلك الوقت، وصفت لجنة حماية الصحافيين هذا التطور بأنه "أسوأ نكسة تتعرّض إليها حرية الصحافة في مصر منذ سقوط الرئيس حسني مبارك".31

في أيلول/سبتمبر 2011، وبعد بضعة أيام من تمديد الحكومة العمل بقانون الطوارئ ضد الكيانات المتّهمة بـ"نشر الشائعات"، داهمت قوات الأمن مرة أخرى مكاتب قناة "الجزيرة مباشر مصر"، التي بدأت البثّ من مصر بعد سقوط مبارك. مُنِعَت القناة من البثّ بحجّة أنها لاتمتلك تصريحاً. وفي أيلول/سبتمبر 2011، قرّر المجلس الأعلى للقوات المسلحة ومجلس الوزراء وقف منح تصاريح جديدة للقنوات الفضائية، و"مقاضاة القنوات الفضائية التي تُعتبَر تهديداً لاستقرار البلاد"، وفقاً لمقال نُشِر في صحيفة Egypt Independent .32

وفي 9 تشرين الأول/أكتوبر 2011، تجاهل التلفزيون المصري الهجوم على مجموعة من المتظاهرين، معظمهم من الأقباط، خارج مبنى "ماسبيرو"، حيث سُحِق معظم القتلى تحت مدرّعات الجيش. خلال الأحداث، ادّعى التلفزيون الحكومي في البداية أن المتظاهرين الأقباط رشقوا أفراد القوات المسلحة بالحجارة وقنابل المولوتوف، وقتلوا ثلاثة من ضباط الجيش، وجرحوا 30 آخرين. بعد ذلك دعا التلفزيون الحكومي "المواطنين الشرفاء" إلى النزول إلى الشوارع و"دعم الجيش المصري ضد الأقباط". ولم يتم تحميل أحد المسؤولية عن هذا الأداء من جانب إعلام الدولة.33

في هذه الأثناء وفي الليلة نفسها، اقتحم ضباط الجيش مكاتب قناتين أخريين، هما قناة الحرة وقناة 25، حيث كانتا تعرضان تغطيةً حيّةً لما يحدث خارج "ماسبيرو". لم تكن تغطية التلفزيون الحكومي للأحداث مهنية  ولا محايدة ولا متوازنة، إذا ما أردنا وصفها بعبارات ملطّفة.34 

خلال فترة حكم المجلس العسكري تعرّض الصحافيون الذين يغطّون التظاهرات أيضاً إلى الإيذاء البدني. وقد وثّق مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان العديد من هذه الحالات، بما فيها حالة المصور الصحافي أحمد عبدالفتاح، الذي أصيب برصاصة في العين فيما كان يغطّي الاشتباكات التي وقعت في شارع محمد محمود في تشرين الثاني/نوفمبر 2011. وقد أدلى عبد الفتاح بشهادة قال فيها، وفقاً لمركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان أنه "بدا أن الضابط الذي أطلق النار عليه كان يستهدفه بشكل مباشر بسبب الكاميرا التي كان يمسك بها".35 وأبلغ عبد الفتاح صحيفة "الأهرام أون لاين" (النسخة الإنجليزية على الإنترنت من صحيفة الأهرام، والتي تُعَدّ أكثر تقدّمية من النسخة العربية التقليدية)، بأن "خمسة من صحافيي "المصري اليوم"، إضافة إلى عشرة يعملون لمؤسّسات إعلامية أخرى، أصيبوا في ذلك اليوم وكانوا جميعاً يحملون كاميرات".36 وفي تشرين الثاني/نوفمبر 2011 أيضاً، أصدرت نقابة الصحافيين المصريين بياناً بشأن استخدام القوة ضد خمسة صحافيين كانوا يغطّون الاشتباكات في الإسكندرية. وأدان البيان استخدام قوات الأمن العنف ضد الصحافيين، الذين "اعتُقِل أحدهم، وأُجبِر على التعرّي، وعُصِّبَت عيناه، وتعرّض إلى الضرب بعصا خشبية لمدة خمس ساعات"، وفقاً لمقال نُشِر في "الأهرام أون لاين".37

كما وثّق مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان قضية الصحافي حسن شاهين، الذي هوجم وضرب وتم سحله من جانب ضباط الجيش أثناء تغطيته قمع الاعتصام أمام مجلس الوزراء في كانون الأول/ديسمبر 2011. 38 وذكر مقال "الأهرام أون لاين" أنه خلال تغطيتهم الأحداث، "أصبح الإعلاميون والكاميرات هدفاً رئيساً. وصادر رجال يرتدون الزي العسكري، بمساعدةٍ من رجال يرتدون ملابس مدنية، الكاميرات وحطّموها".39 وقالت منظمة "مراسلون بلا حدود" إن العملية تضمنّت "استخداماً منهجياً للعنف ضد الإعلاميين". ونشرت المنظمة ماقالت إنه قائمة غير مكتملة لصحافيين وإعلاميين تعرّضوا إلى الضرب والاعتقال، أو كليهما من جانب الجيش، ودعت السلطات المصرية إلى "وضع حدّ فوري لأعمال العنف ضد الإعلاميين".40

على الرغم من ذلك استمر هذا النمط. ففي شباط/فبراير 2012، أصيب المراسل الصحافي محمود الغزالي، من قناة النيل المملوكة للدولة، في عينه أثناء تغطيته الاشتباكات خارج مقرّ وزارة الداخلية. وأكد الغزالي أن قوات الأمن كانت تستخدم الرصاص المطاطي ورصاص الخرطوش بانتظام في مواجهة مباشرة مع المتظاهرين في الأشهر السابقة.41 وفي أيار/مايو 2012، وثَّقت منظمة "مراسلون بلا حدود" تعرّض ما لايقّل عن 32 صحافياً وإعلامياً إلى الضرب والاعتقال والتعذيب أحياناً على أيدي ضباط الجيش أو البلطجية التابعين للنظام فيما كانوا يغطون أحداث العباسية بالقرب من وزارة الدفاع.42

تدخّل الصحافيون المواطنون لمواجهة أداء الإعلام الحكومي المتحيّز والمحرّض على العنف أحياناً، وكذلك الصعوبات التي يواجهها الصحافيون في تغطية الأخبار والوصول إلى المعلومات. كما واجه المدوّنون ونشطاء الإنترنت مسؤولية إيصال الصور التي تجاهلتها وسائل الإعلام الحكومية والخاصة أو التي لم تسمح بتغطيتها للجمهور. وفي محاولة لتنظيم هذه الجهود، أسّس المواطنون المصريون جماعات مثل "مُصِرّين" و"عسكر كاذبون". 

جماعة "مُصِرّين" هي تعاونيةُ إعلام اجتماعي تسعى إلى تغطية أي أنشطة تتّصل بالثورة، وخصوصاً توثيق انتهاكات الشرطة والجيش ضد المتظاهرين المدنيين. أما "كاذبون" فهي مبادرة تهتمّ بتنظيم العروض العامة لأشرطة الفيديو الخاصة بجماعة "مُصِرّين" في شوارع مصر. وكلا الجماعتين مفتوحتان ولامركزيتان من حيث الهيكل والملكية. على سبيل المثال، كل اللقطات وأشرطة الفيديو الخاصة بجماعة "مُصِرّين" متاحة على الإنترنت لأي شخص يريد تحميلها. كما تتشاطر الجماعة معدّاتها ومكاتبها مع من يطلبونها، وتحاول تدريب وإشراك أكبر عدد ممكن من الصحافيين المواطنين في أنحاء مصر كافة.

نشرت جماعة "كاذبون" إرشادات بسيطة على الإنترنت حول كيفية تنظيم عرض ما، وطلبت من الناس في جميع أنحاء مصر محاولة تنظيم عروض في أحيائهم. كانت الفكرة تتمثّل في النزول إلى الشوارع بلقطات أصيلة ومعلومات لم تكن وسائل الإعلام تغطيها. كل ماكان مطلوباً للحصول على عرض هو تحميل مقاطع الفيديو (أو الحصول على قرص مدمج مجاني من "مُصِرّين")، واستخدام شاشة (استخدم البعض ملاءة سرير بيضاء يتم فردها على الحائط أو بين شجرتين)، واستئجار جهاز عرض ومكبّرات صوت لليلة العرض. أما عروض "كاذبون" التي كان يقدّمها أفراد في أنحاء مصر كافة، بما في ذلك على جدران مبنى "ماسبيرو" وجدران وزارة الدفاع، فقد كانت ناجحة تماماً وأجبرت وسائل الإعلام التقليدية الأخرى، حتى وسائل الإعلام الحكومية في بعض الأحيان، على تغطية الأحداث أو عرض مقاطع الفيديو الخاصة بها. كما خفّفت هذه الظاهرة بصورة غير مباشرة من الضغط الذي كانت تتعرّض إليه القنوات الفضائية الخاصة لتغطية مايجري، لأن النظام كان يعرف أن الصحافيين المواطنين لديهم تسجيل لما يحدث، وبالتالي من المرجّح أن يظهر على أي حال. بحلول كانون الثاني/يناير 2012، كانت "مُصِرّين" القناة غير الربحية الأكثر مشاهدة على موقع يوتيوب في جميع أنحاء العالم، والأكثر مشاهدة في مصر.43 وتعرّضت الناشطة سلمى سعيد، وهي من مؤسّسي جماعة "مصرّين"، إلى طلقات رشّ وخرطوش عدة قالت إنها من قِبَل قوات الأمن أثناء تغطيتها الاشتباكات بين الشرطة والمتظاهرين في شباط/فبراير 2012. 44

في عهد مرسي
(30 حزيران/يونيو 2012 - 3 تموز/يوليو 2013) 

عندما تولّى محمد مرسي، الذي كان مدعوماً من جماعة الإخوان المسلمين، منصب الرئيس في 30 حزيران/يونيو 2012، بدأت موجة جديدة من الهجمات على الحريات الإعلامية. خلال هذه الحقبة، رُفِع عددٌ غير مسبوق من القضايا أمام المحاكم ضد الصحافيين والإعلاميين بتهمة "إهانة الرئيس". وعلى الرغم من تعهّد مرسي بضمان حرية التعبير عندما تولّى منصبه، ذكرت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان أنه جرى رفع 24 من هذه القضايا في الأيام المئتين الأولى من حكم مرسي، مقابل 23 قضية في الأعوام المئة والستّة والعشرين السابقة.45 أما التُّهم الأخرى التي استُخدِمَت عادة في الحالات التي تشتمل على وسائل الإعلام، فتضمّنت تشويه صورة الرئيس، والتشهير بالسلطة القضائية، والتشهير بالجيش، وتشويه صورة الإسلام (ازدراء الأديان)، إضافة إلى نشر أو بثّ أخبار كاذبة، والتحريض على الكراهية.

خلال هذه الفترة، هوجم مهاجمة العديد من الصحافيين، وتعرّض البعض إلى الاختطاف أو الضرب. أصيب الصحافي الحسيني أبو ضيف، الذي كان يكتب منتقداً مرسي والإخوان المسلمين، بالرصاص المطاطي في الرأس خارج قصر الاتحادية الرئاسي خلال إحدى التظاهرات، وتوفّي متأثّراً بجراحه. وزُعِم أن أنصار مرسي هم الذين أطلقوا الأعيرة النارية بعد أن سلّط أحدهم ضوء ليزر أخضر على أبو ضيف.46

وتغيّر تصنيف مصر في تقرير حرية الصحافة للعام 2013 الصادر عن مؤسسة "فريدوم هاوس"، من "حرّة جزئياً" إلى "غير حرّة"، وذلك بسبب "الحملات التي تم السماح بها رسمياً لترهيب الصحافيين، وازدياد الجهود الرامية إلى مقاضاة المراسلين الصحافيين والمعلقين بتهمة إهانة القيادة السياسية أو التشهير بالدين، وتكثيف الاستقطاب في الصحافة الموالية والمعادية لجماعة الإخوان المسلمين، ماقلّل من توافر التغطية المتوازنة".47

تكثّفت عمليات ترهيب الصحافيين والمدوّنين خلال العام الذي أمضاه مرسي في السلطة. فقد تعرّض الصحافيون إلى الضرب والتحرّش والاحتجاز بواسطة النظام أو بلطجية تابعين له. في كانون الأول/ديسمبر 2012، حُكِم على المدوّن ألبير صابر بالسجن لمدة ثلاث سنوات بسبب إهانة الدين والرئيس، بعد أن نشر رابطاً لدعاية الفيلم المُعادي للإسلام "براءة المسلمين" The Innocence of Muslims على حسابه على موقع فيس بوك.48 كما تم التحقيق مع مضيف البرامج الحوارية ذائع الصيت محمود سعد، في كانون الأول/ديسمبر 2012، بتهمة إهانة رئيس الجمهورية. واتُّهِم مقدّم البرامج السياسية الساخرة باسم يوسف، المعروف باسم "جون ستيوارت مصر"، في كانون الثاني/يناير 2013، بإهانة الرئيس وإضعاف موقفه. وقد جرى تسليط الضوء على قضيته بشكل بارز في وسائل الإعلام المحلية والدولية، وخصوصاً بعد أن عرضها جون ستيوارت (واستضاف باسم يوسف نفسه) مراراً وتكراراً في برنامجه.

إضافة إلى ذلك، أُغلِقَت قناة "الفراعين" التلفزيونية الفضائية الخاصة في آب/أغسطس 2012 بقرار إداري، وواجه صاحبها توفيق عكاشة أكثر من 30 قضية مختلفة في المحاكم حيث جرى اتهامه بالتشهير بمرسي، والتحريض على قتله، والتحريض على الكراهية ضد الإخوان. وقد حكمت إحدى محاكم الأقصر على عكاشة غيابياً بالسجن أربعة أشهر بتهمة إهانة رئيس الجمهورية،49 غير أنه بُرِّئ في وقت لاحق من جانب محكمة أخرى.50 وتمت مصادرة عدد يوم 11 آب/أغسطس، 2012 من جريدة "الدستور" بتهمة إهانة رئيس الجمهورية والتحريض على الفوضى والفتنة الطائفية. وقد وُجِّهت إلى رئيس تحرير الصحيفة، إسلام عفيفي، تهمة إهانة مرسي والتحريض على قلب نظام الحكم.51

لم يتغيّر الكثير في عهد مرسي من حيث كيفية تعامل الحكومة مع استقلالية (أو عدم استقلالية) وسائل الإعلام المملوكة للدولة. جرى تعيين وزير جديد للإعلام موالٍ لجماعة الإخوان المسلمين، كما عيّن مجلس الشورى الذي يُعَدّ كل أعضائه من الإسلاميين، رؤساء تحرير جدداً، مايعني أن وسائل الإعلام الحكومية أصبحت في معظمها في أيدي الإسلاميين. ومع ذلك، لم تكن الصورة واضحة كما كانت في عهد مبارك أو المجلس العسكري، لأن العديد من الشبكات المترابطة بصورة وثيقة داخل هذه المؤسّسات بقيت موالية لنظام مبارك. على الرغم من ذلك، كان الصراع صراع سلطة وولاء لنظام دون آخر، بدل أن يكون الولاء للمعايير الصحافية المهنية أو للشعب.

ورفضت صحيفة الأخبار المملوكة للحكومة نشر مقالات رأي عدة كانت تحوي انتقادات لمرسي أو الإخوان بأقلام كُتّاب دائمين، بمَن فيهم إبراهيم عبد المجيد، وعبلة الرويني، وأحمد طه النقر، ومدحت العدل، ويوسف القعيد. وعلى المنوال نفسه، رفضت صحيفة الأهرام المملوكة للحكومة نشر مقال رأي لمدير تحريرها أحمد موسى، انتقد فيه الإعلان الدستوري الذي أصدره مرسي. وكان مرسي قد أصدر إعلاناً في تشرين الثاني/نوفمبر 2012، ومنح نفسه سُلطات غير مسبوقة كرئيس، كما لخّصها موقع جريدة Egypt Independent، "لاتخاذ أي إجراءات يراها مناسبة من أجل الحفاظ على، وحماية، الثورة أو الوحدة الوطنية أو الأمن القومي"،52 وتسبّبت هذه الخطوة باضطرابات واسعة وتعرّضت إلى انتقادات حادّة من المعارضة. كما أوقفت صحيفة الأهرام عضو جماعة الإخوان السابق ثروت الخرباوي عن كتابة عموده.53 وكان الخرباوي صريحاً وواضحاً في مناهضته جماعة الإخوان المسلمين، وهو ما لم تتحمّله الصحيفة المملوكة للحكومة. 

وأشار تقرير صادر عن "مؤسسة حرية الفكر والتعبير" إلى تقارير صحافية قالت إنه كانت لدى التلفزيون الحكومي المصري توجيهات بأن يستضيف أحد الإسلاميين، ولاسيّما من حزب الحرية والعدالة - الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، في كل مقطع من كل برنامج، وإلا فسيتم إلغاء هذا المقطع. وذكر التقرير أيضاً أنه كانت لدى مقدّمي البرامج في التلفزيون الحكومي توجيهات محدّدة بشأن اختيار الضيوف، فضلاً عن الخطوط التحريرية للبرامج، وأنه كان يتم تهديد مقدّمي البرامج بعدم دفع رواتبهم إن لم يطيعوا الأوامر. وأشار التقرير أيضاً إلى التدخّل السافر في "السكريبت" أو النصوص المحدّدة لبعض البرامج والتوجيهات للتركيز على "إنجازات" الحكومة.54

كانت هناك بعض المحاولات من جانب وسائل الإعلام الخاصة للوقوف في وجه هذه التجاوزات على حرية الصحافة. في كانون الأول/ديسمبر 2012، أضربت خمس قنوات تلفزيونية واثنتا عشرة صحيفة في اليوم نفسه احتجاجاً على الإعلان الدستوري لمرسي ومشروع الدستور، اللذين قلّصا الحريات الإعلامية. ولم يتضمّن مشروع الدستور مادة تحظّر إمكانية حبس الصحافيين في القضايا المتعلّقة بحرية التعبير.

وحاول بعض الأفراد داخل المؤسّسات الإعلامية الحكومية المقاومة فعاقبهم النظام. على سبيل المثال، جرى التحقيق مع مذيعين ومُعِدّين عدة في التلفزيون الحكومي بعد أن أظهروا ضيوفاً تحدّثوا ضد برنامج حزب الحرية والعدالة أو أداء النظام.55 وإجمالاً، أورد تقرير صادر عن الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان 28 من هذه التحقيقات ضد مذيعي أو مُعِدّي التلفزيون الحكومي. وخلص التقرير إلى أن التلفزيون الحكومي ارتكب سلسلة من الانتهاكات المستمرة ضد حرية التعبير، ولم يظهر أي نية للإصلاح من جانب الحكومة.56

عانى الإعلام المصري حالةً من الاستقطاب خلال حكم مرسي، وبمرور الوقت ازداد هذا الاستقطاب حدّة. حدث الاستقطاب أساساً بين القنوات الإسلامية الخاصة، وأبرزها "الحافظ" و"الناس" من جهة، ووسائل الإعلام "غير الإسلامية"، ولاسيما الخاصة منها، من جهة أخرى.

امتلأت القنوات الإعلامية غير الإسلامية بعبارات مثل "أخونة الدولة"، والتي تصوِّر قلق البلاد المتزايد من استيلاء أعضاء جماعة الإخوان المسلمين على معظم المناصب الحيوية في الحكومة. وعندما اندلع العنف في التظاهرات المناهضة للإخوان، بدأت هذه القنوات باستخدام مصطلحات مثل "ميليشيات الإخوان المسلمين" للإشارة إلى البلطجية التابعين للإخوان الذين يهاجمون المتظاهرين، غير أن القنوات الخاصة غير الإسلامية احتفظت مع ذلك بدرجة من التوازن من حيث إظهارها بانتظام ضيوفاً من الإخوان في البرامج الحوارية المسائية واسعة الانتشار، وبالتالي منحتهم متنفّساً للتعبير عن آرائهم.

لم تكن هذه حال القنوات الإسلامية التي نادراً ما استضافت ضيوفاً غير إسلاميين. فقد كانت هذه القنوات تشير بانتظام إلى غير الإسلاميين باعتبارهم "ملحدين"، وتتّهمهم بأنهم فلول النظام القديم أو عملاء يتجسّسون لصالح دول أجنبية. كما استخدمت هذه القنوات بانتظام الخطاب الذي يوحي بأن أي شيء ضد الإخوان المسلمين يُعتبَر ضد الإسلام. وقد أصبحت قناة "مصر 25" الفضائية التابعة لحزب الحرية والعدالة، وكذلك صحيفة الحزب، الحرية والعدالة، من أشدّ مؤيّدي مرسي، في حين كانت تشوّه صورة المعارضة وتتّهمها بالكفر أو العمل لمصالح قوى خارجية.

ظلّ النشاط على شبكة الإنترنت قوياً في عهد مرسي، حيث كان العديد من الصحافيين المواطنين يستخدمون الإنترنت لنشر المواد أو بثّها. وقد بقيت مجموعة "مُصِرّين" نشطة، وركّزت جهودها على كشف وتوثيق الانتهاكات التي ارتكبها نظام الإخوان المسلمين وتابعوه أو الأجهزة الأمنية. أما "كاذبون" فقد عدّلت اسمها إلى "إخوان كاذبون"، حيث أظهرت عبارة "باسم الدين" وشعار جماعة الإخوان المسلمين بجانب اسمها.
    
قام المجتمع المدني ببعض المحاولات لإدخال نموذج لهيئة رقابية مستقلّة تكون مسؤولة على الأقل عن الإعلام المرئي والمسموع. وقد أُدرِج مؤخراً موضوع تشكيل مثل هذه الهيئة في المسودة الجديدة للدستور المصري. ومع ذلك، تبقى المشكلة أن تشكيل مجلس إدارة هذه الهيئة سوف يسهم في نجاح استقلالها أو فشله. وكما حدّدت التوصيات الواردة في التقرير الخاص بمصر "خدمة البثّ العام"، فإن الإرادة السياسية شرط ضروري لاستقلال أي هيئة تنظيمية. وبخلاف ذلك، ستنتقل المشاكل نفسها الخاصة بوزارة الإعلام الموالية للنظام إلى الهيئة التنظيمية.57 في العام 2012، عندما طُرِحَت هذه الفكرة، اقترح البعض أن تكون الهيئة التنظيمية هي المسؤولة عن منح تراخيص البثّ وتحديد التردّدات والتعامل مع حالات الانتهاكات المزعومة. جرى تقديم الاقتراح إلى البرلمان قبل حلّه في العام 2012. 58 ومن غير الواضح ماهي خطة النظام بشأن مثل هذه الهيئة في الوقت الحالي.

في عهد عدلي منصور، الرئيس المؤقت
(3 تموز/يوليو 2013 - 8 حزيران/يونيو 2014)

في 30 حزيران/يونيو 2013، وبعد سنة واحدة من أداء مرسي اليمين الدستورية، نزل ملايين المصريين مرة أخرى إلى الشوارع، حيث طالبوا هذه المرة باستقالة مرسي وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة. وعلى مدى الشهرين السابقين، قيل إن أكثر من 22 مليون مصري وقّعوا استمارات تطلب إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، لكن مرسي رفض الاستجابة لذلك. وفي 3 تموز/يوليو، تدخّل الجيش المصري لإطاحة مرسي وتنصيب رئيس المحكمة الدستورية العليا، عدلي منصور، رئيساً لمصر لفترة انتقالية، على أن يتم بعد ذلك إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية جديدة. رحّب الكثير من المصريين بهذه الخطوة، التي نجمت عن استيائهم من سياسات مرسي وانحيازه لجماعة الإخوان المسلمين، بيد أن البعض شعروا بالقلق بسبب تدخّل الجيش. وكان هناك جدال حول العالم بشأن ما إذا كان ماحدث موجة ثانية من الثورة أو انقلاباً عسكرياً.59

وفي حين أمل الكثيرون في أن تغيير النظام سيعني توقّف الهجوم على الحريات الإعلامية التي شهدته مصر في عهد مرسي، أصيب المدافعون عن حريات الإعلام بالقلق من حقيقة أن الجيش أغلق القنوات الإسلامية "مصر 25" و"الحافظ" و"الناس" في غضون ساعات من إطاحة مرسي، كما تمت مداهمة قناة "الجزيرة مباشر مصر" فيما كانت تبثّ على الهواء، واعتُقِل خمسة موظفين فيها.60 وأُعلِنَت حالة الطوارئ في شهر آب/أغسطس لمدة ثلاثة أشهر في أعقاب عملية الفضّ العنيفة لاعتصامين كبيرين للإخوان المسلمين، والتي خلّفت مئات القتلى وأكثر من ألف جريح. وفي أيلول/سبتمبر، صدر حكم محكمة لقناة "الجزيرة مباشر مصر" وثلاث قنوات إسلامية أخرى، هي "أحرار 25" و"القدس" و"اليرموك"، بالتوقف عن البثّ. استشهدت المحكمة بعدم وجود تصاريح بثّ، مايجعل عمل القنوات غير قانوني، وهو الادعاء الذي جاء بعد أن اعتبر مسؤولون حكوميون أن الجزيرة تمثّل تهديداً قومياً وتشكّل خطراً على الأمن العام والمصالح القومية للبلاد.61 وفي وقت لاحق من شهر أيلول/سبتمبر، أغلقت السلطات مكاتب صحيفة حزب جماعة الإخوان المسلمين، الحرية والعدالة.

ومنذ 30 حزيران/يونيو 2013، واجه الصحافيون درجات متفاوتة من المضايقات، ولاسيّما من السلطات وكذلك من أنصار جماعة الإخوان المسلمين، الذين باتوا يشكّلون الآن المعارضة السرّية منذ أن تم اعتبار جماعة الإخوان منظمة إرهابية غير مشروعة (أولاً من جانب الحكومة في كانون الأول/ديسمبر 2013، ثم بموجب حكم قضائي في شباط/فبراير 2014). وقد أصدر مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان تقريراً وثّق فيه 205 حالات لصحافيين محليين واجهوا انتهاكات، مابين 28 حزيران/يونيو و30 آب/أغسطس 2013، بمَن فيهم ثمانية قتلى كان ستة منهم على الأقل يغطون الأحداث.62 واتهم التقرير قوات الأمن بالمسؤولية عن حالتين من هذه الوفيات على الأقل، إحداهما في المنطقة المجاورة لمقرّ الحرس الجمهوري يوم 3 تموز/يوليو، والأخرى عندما أطلق الجيش النار على صحافي من جريدة الأهرام بعدما زُعِم أنه فشل في إيقاف سيارته عند نقطة تفتيش بعد فرض حظر التجول في 20 آب/أغسطس. وبخلاف حالات الوفاة، شملت الانتهاكات مطاردة الصحافيين واعتقالهم وضربهم بشدّة أحياناً، والسطو المسلح، وإطلاق الخرطوش، وإتلاف الكاميرات والمعدات.

وثّق التقرير أيضاً 39 انتهاكاً ضد الصحافيين والمراسلين الأجانب، وذكر أن هذا الرقم لايمثّل الحجم الحقيقي للمشكلة، بالنظر إلى أن العديد من الصحافيين الأجانب رفضوا الإدلاء بشهاداتهم أو تحديد وكالات الأنباء التي يعملون لصالحها. وأشار التقرير إلى حالات تم فيها احتجاز الصحافيين الأجانب أو تصويرهم أو تسجيل أشرطة فيديو لهم أو عرض صورهم على شاشات التلفزيون المصري باعتبارهم "إرهابيين" اعتقلتهم السلطات. وقد شملت الفئة التي تعرّضت إلى الإجراء الأخير فريقاً من مراسلي شبكة "سي ان ان".63

وذكر تقرير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان أن ثمّة مزاعم بأن أنصار مرسي مسؤولون عن 41 في المئة من الحوادث (85 انتهاكاً)، في حين يُزعَم أن قوات أمن الدولة والجيش مسؤولة عن 20 في المئة (42 انتهاكاً). ويُزعَم أن الانتهاكات المتبقية ارتكبها "أهالي المنطقة" الساخطون على جماعة الإخوان المسلمين ومرسي، بمَن فيهم ماقالت وسائل الإعلام الإسلامية إنهم "بلطجية توظّفهم الأجهزة الأمنية". وقال التقرير إن "تفوّق الإخوان ومناصريهم من حيث الكم لايخفي أن الانتهاكات الأكثر جسامة قد وقعت من جانب السلطات الانتقالية وقوات الأمن والجيش". وعندما صدر التقرير في أيلول/سبتمبر 2013، كان ثلاثة عشر صحافياً لايزالون محتجزين على ذمة التحقيق، في حين أُفرِج عن 29 آخرين.64

وفي 3 حزيران/يونيو 2014، ذكر مقال نشرته لجنة حماية الصحافيين أن هناك ستة عشر صحافياً لايزالون مسجونين في مصر، إضافة إلى مقتل ستة على الأقل واعتقال العشرات والإفراج عنهم منذ عزل مرسي من السلطة، الأمر الذي أرسى "مناخاً من الخوف والقمع قلّل من قدرة الصحافيين على تغطية التطورات السياسية". وذكر المقال أيضاً أنه في حين أن "الأمور لم تكن إيجابية أبداً بالنسبة إلى الصحافة في مصر... ساءت بشكل ملحوظ منذ إطاحة الرئيس السابق محمد مرسي".65 وقد ظهرت مصر على "قائمة المخاطر" الصادرة عن لجنة حماية الصحافيين مما يشير إلى" تدهور كبير في المناخ الإعلامي خلال العام 2013".66

كان من بين الستة عشر صحافياً الذين سُجِنوا منذ 19 أيار/مايو 2014 ثلاثة من قناة الجزيرة الإنجليزية، الذين اتهموا في القضية المعروفة إعلامياً بقضية "خلية الماريوت"، لأن الثلاثة كانوا يعملون انطلاقاً من فندق ماريوت. وقد احتُجِز الثلاثة منذ 29 كانون الأول/ديسمبر 2013، واتُّهموا بتشويه صورة مصر في الخارج وفبركة الأخبار لمساعدة الإخوان المسلمين. وثمة صحافي رابع من صحافيي الجزيرة مُحتَجَز منذ 14 آب/أغسطس 2013 هو عبدالله الشامي. وقد بدأ الشامي إضراباً عن الطعام في 21 كانون الثاني/يناير 2014. 

استمرت المحاكمات العسكرية للمدنيين في حقبة مابعد مرسي، بما فيها المحاكمة التي شملت ثلاثة صحافيين. اتُّهم الصحافي أحمد أبو دراع، الذي يعمل في صحيفة المصري اليوم ومحطة "أون تي في" الفضائية، بالدخول إلى منطقة عسكرية محظورة ونشر أخبار كاذبة عن الجيش. وقد حُكِم عليه بالسجن مدة ستة أشهر مع إيقاف التنفيذ.67 ورُفِعَت القضية ضده بعد أن كان أورد تقريراً عن عملية عسكرية في محيط قرية الشيخ زويد شمال سيناء، حيث ادّعى أنها أسفرت عن تخريب مسجد وعدد من منازل المدنيين وإصابة أربعة أشخاص.68 واتُّهم محمد صبري، وهو مراسل حرّ يعمل لصالح وكالة رويترز، بتصوير مناطق عسكرية، وحُكِم عليه أيضاً بالسجن مدة ستة أشهر مع إيقاف التنفيذ.69 كما اتُّهم الصحافي حاتم أبو النور من صحيفة الوطن بانتحال شخصية ضابط في الجيش، وحُكِم عليه بالسجن سنة واحدة.70

تفاقمت حالة الاستقطاب في الإعلام المصري، والتي بدأت في عهد مرسي، لفترة من الوقت بعد إطاحته، قبل أن تبدأ معظم وسائل الإعلام، إن لم يكن جميعها، بالتحدث دعماً للنظام. وبعد فترة وجيزة من إطاحة مرسي، انقسم المشهد الإعلامي السائد بين وسائل مؤيّدة للنظام من جهة، وقناة الجزيرة من جهة أخرى. وفي المنطقة الوسط بين هذين الموقفين، حاولت بضعة أصوات فردية أن تبقى أكثر موضوعية.

مثّلت حالة الاستقطاب الإعلامي انعكاساً لحالة الاستقطاب التي يعيشها المجتمع.71 ولاريب أن ملايين المصريين طالبوا بإطاحة مرسي ودعموها بعد أن ثبت أنه لايمثّل سوى جماعة الإخوان المسلمين، على الرغم من أنه كانت لدى بعض من أيّدوا إطاحته تساؤلات حول دور الجيش في الحياة السياسية في مصر في المستقبل. وعلى المنوال نفسه، أيّدت معظم وسائل الإعلام في مصر، إن لم يكن كلها، إطاحة مرسي، باستثناء قناة الجزيرة التي انحازت بحزم إلى جماعة الإخوان المسلمين.

ويُعَدّ المشهد الإعلامي الحالي في مصر غير مهني عموماً، ماعدا بضعة استثناءات. فقد تضرّرت سمعة قناة الجزيرة بشدة عندما حاولت أن تتحالف مع جماعة الإخوان، وفقدت مصداقيتها بين المصريين، باستثناء جماعة الإخوان المسلمين والمتعاطفين معها.72 وبعد أن ارتكبت أخطاء وقائعية، مثل بثّ احتجاجات ضخمة مناوئة لمرسي ووصْفِها بأنها مؤيّدة له،73 أو إجراء مقابلات مع من زعموا أنهم متظاهرون جرحى وتبيّن أنهم يمثّلون إصاباتهم زوراً أمام الكاميرات،74 فقدت القناة معظم سمعتها حول التغطية الإخبارية المهنية التي حافظت عليها لدى المصريين منذ فترة طويلة. وفي إحدى الوقائع، ظهر مقدّم البرامج المخضرم في قناة الجزيرة أحمد منصور في مقطع فيديو وهو يخاطب أنصار جماعة الإخوان المسلمين حول كيفية تغيير رسائلهم لكسب تعاطف الشعب المصري.75 وقد استقال ما لايقلّ عن 22 إعلامياً في قناة الجزيرة بعد أسبوع من إطاحة مرسي، قائلين إن القناة "تبثّ الأكاذيب وتضلّل المشاهدين". وقال أحدهم إن القناة أصبحت "عدوة لمصر" وإن "الأوامر تغيّرت" بشأن التغطية الإعلامية للأحداث السياسية.76

وفي الوقت نفسه، بالغت معظم وسائل الإعلام المصرية الأخرى في دعم نظام مابعد مرسي، في ظل وجود بضعة استثناءات فردية تحاول الحفاظ على بعض التوازن. وفي العموم، تمتلئ موجات الإذاعة والتلفزيون بالأغاني والبرامج الحوارية التي تسعى إلى تمجيد الجيش. وعلى مدى أسابيع بعد إطاحة مرسي، عرض التلفزيون المصري، وكذلك معظم القنوات الفضائية الخاصة، شعاراً يحمل صورة العلم المصري وعبارة "مصر تحارب الإرهاب"، في إشارةٍ إلى الصراع بين نظام مابعد مرسي والإخوان المسلمين. ولايتجنّب معظم مقدّمي البرامج الحوارية التعليقات المتحيّزة والأسئلة الإيحائية، في حين يردّ ضيوفهم الذين يتم اختيارهم بعناية، بإجابات مؤيّدة للنظام حصراً. ويتم خلط الحقائق بصورة روتينية بالآراء في هذه البرامج ذات الشعبية التي أصبحت المصدر الرئيس للأخبار لكثير من المصريين.

وقد وصل الأمر ببعض البرامج الحوارية إلى حدّ شنّ حملة مكثّفة ضد النشطاء المرتبطين بأحداث 25 كانون الثاني/يناير 2011، حيث وصفتهم بأنهم "خونة" و"جواسيس" و"عملاء لدول أجنبية". وظهرت محادثات هاتفية شخصية لبعض النشطاء حيث تم تسريبها إلى أحد البرامج الحوارية ثم التقطتها بعض البرامج الأخرى. وقد جرت صياغة المحادثات كدليل على أن النشطاء لم يكونوا موالين لمصر، على الرغم من أن المحادثات نفسها لم تدعم هذا الزعم. وتضمّنت المحادثات المسرّبة في معظمها أعضاء في حركة "شباب 6 أبريل"،77 فضلاً عن نشطاء بارزين آخرين، مثل وائل غنيم، المسؤول عن صفحة "كلّنا خالد سعيد" على موقع فيس بوك، ومحمد البرادعي، نائب الرئيس المصري في مرحلة مابعد نظام مرسي، الذي استقال في منتصف آب/أغسطس 2013 اعتراضاً على عملية الفضّ العنيفة لاعتصام جماعة الإخوان المسلمين في رابعة العدوية.78

وتجد الشخصيات الإعلامية التي تسعى جاهدة من أجل الاستقلال صعوبةً في تقديم برامجها، وقد انسحب بعضها في بعض الأحيان طواعيةً من موجات الأثير. انقطع يسري فودة الذي يقدّم برنامجاً حوارياً واسع الانتشار على قناة "أون تي في"، عن الظهور على الهواء من 9 تموز/يوليو حتى 25 تشرين الثاني/نوفمبر 2013. وكان قد أصدر بياناً في نهاية تموز/يوليو على صفحته في موقع فيس بوك قال فيه: "أسجل تحفّظي وحزني الشديدين لما أراه من تناول إعلامي ضارّ سواء من خارج مصر أو من داخلها، بما في ذلك القناة التي أعمل فيها، إلا من رحم ربي".79 ولم تظهر ريم ماجد، التي تقدّم برنامجاً حوارياً آخر على القناة نفسها، على الهواء منذ 30 حزيران/يونيو 2013. وفي أواخر آب/أغسطس، قالت في تغريدة لها على موقع تويتر إنه لم يتم إيقافها عن العمل أو إجبارها على عدم الظهور على الهواء، ولكن "أحياناً يكون الصمت أصدق أنباءً، فاخترت الصمت لحين إشعار آخر".80

وكما يقول عادل إسكندر، أستاذ الإعلام في جامعة جورج تاون، "في العموم، غالبية الصحف المصرية تتصرّف في وئام وانسجام مع الجيش... عمداً وعن قناعة... فإذا كنت مع جماعة الإخوان، فالأمر يبدو كما لو كنت من صنف آخر من المصريين".81 والواقع أن عنوان إحدى الأغنيات التي انتشرت بصورة واسعة على موجات الأثير لبعض الوقت كان "احنا شعب وانتو شعب"، وهي تصنّف الإخوان المسلمين والمتعاطفين معهم كشعب مختلف.

وعادت الصحف المملوكة للدولة مرة أخرى لدعم زعيم واضح يتجلّى في نظام مابعد مرسي، فالمواضيع الأكثر شعبية هي تلك التي تورد تفاصيل مؤامرات مزعومة يحيكها الإخوان المسلمون لتقسيم مصر وغزوها منذ الأيام الثمانية عشرة من الموجة الأولى من الثورة إلى مخططات لإعطاء سيناء لحماس والعناصر التابعة لها. إحدى هذه المواضيع، والتي كتبها رئيس تحرير صحيفة الأهرام وظهرت على الصفحة الأولى من الصحيفة الرائدة، تشير إلى تورّط الولايات المتحدة في مؤامرة مزعومة مع الإخوان تهدف إلى "تخريب" مصر. وقد دفعت القصة سفيرة الولايات المتحدة لدى مصر آنذاك إلى إصدار ردّ علني، وصفت فيه المقال بأنه "شائن ومختلق وغير مهني". وأضافت السفيرة: "هذه المقالة ليست فقط صحافة سيئة، ولكنها ليست نموذجاً للصحافة على الإطلاق. فهي مختلقة، وتؤدي إلى تضليل متعمد للجمهور المصري.".82
 
وأصبح من الصعب على نحو متزايد بثّ أو نشر الأصوات التي لاتنسجم تماماً مع الدعاية المؤيّدة للنظام. والواقع أن صحفاً خاصة عدة، يفترض أنها مستقلة، رفضت نشر مقالات لمساهمين لايتّبعون هذا الخط التحريري. ولعل أحد الأمثلة على ذلك هو المقال الذي كتبته مؤلفة هذه الورقة تعارض فيه إغلاق القنوات الفضائية بما فيها قناة الجزيرة، والذي ظهر في وقت لاحق في وسيلة إعلامية مختلفة.83 ومن الأمثلة أيضاً مقال الرأي الذي كتبه المدير التنفيذي السابق لصحيفة الأهرام ورئيس نقابة الصحافيين، ممدوح الولي، الذي انتهى به المطاف إلى نشر المقال على صفحته في موقع فيس بوك. كما نشر الناشط مصطفى النجار مقالاً بعنوان "الجيش: مؤسسة أم دولة" على صفحته في موقع فيس بوك، بعد أن مُنِع من النشر في اثنتين من الصحف الكبرى على الأقل.84 وتشمل قائمة الكتّاب الآخرين الذين انتهى المطاف بمقالاتهم إلى الظهور على صفحات إنترنت أقل شهرة وأهمية من المطبوعات التي كانت ستنشر فيها، أو على المدوّنة الشخصية أو صفحة الفيس بوك الخاصة بالمؤلف، أحمد منصور، وريم سعد، ووائل أبو هندي، وتامر أبو عرب، وسيف عبد الفتاح، وحسام مؤنس، وعمرو عزت، وأحمد دريني، وعبد الرحمن يوسف.

وحدثت واقعة رقابية أخرى مع الإعلامي الساخر باسم يوسف، الذي غاب برنامجه الذي يحظى بشعبية جارفة، "البرنامج"، مدة أربعة أشهر. بثّ يوسف الحلقة الأولى من الموسم الجديد لبرنامجه على قناة "سي بي سي" في 25 تشرين الأول/أكتوبر 2013، والتي سخرت من نظام مابعد مرسي وممَّن يبالغون في التغنّي به. تضمن البرنامج إشارة مازحة إلى عزل مرسي باعتباره "انقلاباً". وفيما كان المشاهدون ينتظرون الحلقة الثانية بعد أسبوع، أصدرت القناة بياناً قبل دقائق من البثّ المقرّر للحلقة قالت فيه إنه تم وقف البرنامج بسبب انتهاكه السياسة التحريرية للقناة.85

انتقل باسم يوسف إلى قناة "ام بي سي مصر" وبثّ الحلقة الأولى من برنامجه عليها في 7 شباط/فبراير 2014. وفي نهاية نيسان/أبريل، أعلن أن برنامجه سوف يتوقف إلى أن تُجرى الانتخابات الرئاسية في أواخر أيار/مايو. وبعد فوز المشير عبد الفتاح السيسي في الانتخابات بأغلبية ساحقة، أعلن يوسف في 2 حزيران/يونيو أنه سيتم وقف البرنامج.86 وكانت مجلة "تايم" قد اختارت يوسف باعتباره واحداً من الأشخاص الـ100 الأكثر نفوذاً في العام 2013. 87

وفي ظلّ غياب التغطية المتوازنة حتى من وسائل الإعلام العالمية، التي تفتقر في الغالب إلى السياق وفهم الثقافة المصرية، لاتزال مصادر الأخبار على الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي توفّر منبراً بديلاً مهماً، وإن كان بطريقة مختلفة عن ذي قبل. كما أن العديد من الأصوات على الشبكات الاجتماعية مستقطبة، غير أن في وسع هذه الشبكات أن تعطي صوتاً لأولئك الذين يختارون طريقاً وسطاً كي يعبّروا عن رأيهم، أو الذين يحاولون الحفاظ على موضوعيتهم ويشيرون بأصابعهم إلى انتهاكات حقوق الإنسان لدى أي جهة بغضّ النظر عن وجهات نظرهم السياسية، وهو الموقف الذي بات من الصعوبة الحفاظ عليه أو وصفه من خلال وسائل الإعلام. إضافة إلى ذلك، تقدّم شبكات التواصل الاجتماعي فرصةً للتعبير عن الرأي لمَن هم ضدّ جماعة الإخوان المسلمين والنظام الحالي، والذين يخشون من احتمال أن تنزلق البلاد مرة أخرى إلى حكم عسكري أو إلى سلطة فلول النظام القديم.

كما تجري بعض المحاولات لتقديم تغطية أكثر توازناً للأحداث على شبكة الإنترنت. فمثلاً، تتولّى مجموعة من الصحافيين الشباب إدارة "مدى مصر"،88 وهي صحيفة على الإنترنت جرى إطلاقها في 30 حزيران/يونيو 2013، وتُعَدّ مثالاً جيداً على الإعلام المستقلّ الحقّ. وتوفّر البوابة في الغالب أخباراً وتعليقات باللغة الإنكليزية، ولكنها أنشأت أيضاً قسماً عربياً وقسماً للتصوير الصحافي. وتخطّط "مدى مصر"، التي تصف نفسها بأنها بوابة لـ"الصحافة المستقلة والتقدّمية"، لتوسيع خدماتها من خلال تقديم تغطية إخبارية متعدّدة الوسائط.

وثمة بوابة إخبارية أخرى أُسِّسَت مؤخراً هي "يناير"،89 وتوفر هذه البوابة، التي أسّسها مجموعة من الصحافيين الشباب، الأخبار ومقالات الرأي باللغة العربية فقط. وحتى حزيران/يونيو 2014 لم تتلقَّ الصحيفة أي تمويل، وبالتالي يتم تمويلها من مؤسّسيها الذين مازالوا يتلمّسون طريقهم لتقديم نموذج ناجح للمشروع. وليس لدى البوابة مراسلون باستثناء بعض الصحافيين المؤسّسين، لذلك اعتمدت الصحيفة حتى الآن على مقالات الرأي أكثر من الأخبار. وهي لاتتجنّب نشر المحتوى الذي لايتّفق مع المزاج السائد المؤيّد للنظام.

وفي حين لاحق النظام النشطاء على شبكة الإنترنت في الماضي، لم يُحظَّر حتى الآن المحتوى عبر الإنترنت، ولم تظهر أي تقارير تؤكّد حصول مراقبة شاملة على الإنترنت، غير أن ذلك يمكن أن يتغيّر. ففي الأول من حزيران/يونيو 2014، نشرت صحيفة الوطن كراسة شروط مسرّبة من وزارة الداخلية حول خطة طموحة للحصول على برامج خاصة بمراقبة الشبكات الاجتماعية على الإنترنت. وقد أوردت كراسة الشروط قائمة تحوي 54 من المواصفات الفنية المطلوبة للبرامج، بما في ذلك القدرة على رصد النشرات العامة في مواقع فيس بوك وتويتر ويوتيوب، وتفضيلاً أيضاً القدرة على رصد الرسائل الخاصة وتطبيقات الاتصال الهاتفي مثل "واتساب" و"فايبر". وقد طالب العرض بتأمين قدرات على فحص كل الاتصالات لعددٍ لاحصر له من المستخدمين على صفحة واحدة بتوقيت حدوثها، وإجراء تحليل للرأي العام للمواضيع الأكثر شعبية مع الوقت. كما ينصّ على القدرة على رصد بعض المستخدمين ومتابعة تفاعلاتهم مع أصدقائهم ومتابعيهم عبر الإنترنت عن كثب. وذكر التمهيد الخاص بكراسة الشروط أن الغرض من البرامج المطلوبة هو مواجهة "الخطر المستطير، والتحدي الأمني الخطير" الذي  تشكّله الشبكات الاجتماعية، والحدّ من "الأفكار الهدّامة" التي تنتشر بكثرة على هذه الشبكات، بما في ذلك الدعوة إلى ازدراء الأديان أو التشكيك فيها، ونشر الشائعات المغرضة وتحريف الحقائق، والقذف والسب، والدعوة إلى الخروج على الثوابت المجتمعية، والحشد للتظاهر أو الإضراب أو الانخراط في أشكال أخرى من العصيان المدني.90

لم تلقَ كراسة الشروط المسرّبة لفرض رقابة شاملة على الإنترنت قبولاً حسناً من النشطاء أو منظمات حقوق الإنسان. فقد أصدرت منظمة العفو الدولية بياناً شديد اللهجة، وصفت فيه الطلب بأنه "ضربة مدمّرة للحقّ في الخصوصية وحرية التعبير في البلاد". ونقل البيان عن نائبة مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية قولها إن "الخطط التي وضعتها السلطات المصرية لمراقبة شبكات التواصل الاجتماعي من دون تمييز بعد بضعة أشهر من اعتماد دستور جديد يضمن الحق في الخصوصية تُظهر قلّة احترامهم لحقوق الإنسان أو سيادة القانون. كما تثير الخطط مخاوف جدّية من أن السلطات سوف تستخدم عمليات الرصد المنتظم لشبكات التواصل الاجتماعي لمزيد من تضييق الخناق على أدنى إشارة للمعارضة".91

ماذا بعد؟ 

من الصعب تقييم مستقبل الإعلام في مصر في ظلّ المناخ السياسي الحالي. فلايبدو أن المؤسّسات الإعلامية المملوكة للحكومة قد تأثّرت بالثورة، وقد أضاعت فرصة للقيام بدور وسائل الإعلام العامة بدلاً من أن تكون مجرّد وسائل إعلام حكومية. يعتمد الإصلاح الإعلامي المؤسّسي في معظمه على الإرادة السياسية، التي تبدو غائبة إلى حدّ كبير في الوقت الراهن، فلا يزال الإعلام الحكومي في خدمة النظام لا الشعب. أما القنوات الفضائية الخاصة فهي تخدم في المقام الأول مصالح رجال الأعمال الذين يملكونها، والذين كان معظمهم متحالفين بصورة وثيقة مع نظام مبارك القديم، ويبدو أنهم يدعمون بقوة النظام الحالي بزعامة الرئيس عبد الفتاح السيسي.

وعموماً، يتسم الإعلام في مصر حالياً بدعمه الجماعي على مايبدو للنظام وتصويره المبالغ فيه للآمال الكبيرة المعلّقة على الرئيس الجديد. ويقترن ذلك بإظهار الإخوان المسلمين بصورة شديدة الخطورة والقيام بحملةٍ لتشويه سمعة ناشطي ثورة 25 يناير، في حين يتجاهل الإعلام نفسه أي انتهاكات لحقوق الإنسان يرتكبها النظام الحالي وأي جهود للتصدّي لها.

وفي ظلّ هذه الظروف، أصبح من الصعب على الأقلية الضئيلة التي تحاول أن تعزف لحناً مختلفاً عن الاتجاه السائد في وسائل الإعلام أن تجد لنفسها مكاناً بينها. أما أصحاب الأصوات التي تحاول التوعية حول خطر عودة الحكم العسكري أو تسليط الضوء على الانتهاكات، وتدعو إلى الإفراج عن الناشطين والصحافيين المسجونين، بمَن فيهم بعض مَن اعتادوا أن يكونوا ضيوفاً مألوفين على البرامج الحوارية المسائية ذات الشعبية في مصر، فقد أصبحوا الآن أشخاصاً غير مرغوب فيهم في البرامج نفسها التي كانت تحتفي بهم كل ليلة تقريباً. ويبدو أن وسائل الإعلام المُتاحة على شبكة الإنترنت، بما فيها شبكات التواصل الاجتماعي، تقدّم أفضل الفرص لإبداء الرأي للمعارضة والنشطاء في هذا الوقت.

ويعتمد وضع الإعلام في المستقبل إلى حدّ كبير على التطورات التي ستحدث خلال الأشهر القليلة المقبلة، والتي ستثبّت السيسي إما كرئيس مدني كما يقول، أو كمشير سابق لايزال يحتفظ بأسلوبه العسكري. كما تستعد البلاد لإجراء الانتخابات البرلمانية، التي قد تحمل لمصر، إذا ما أُجريَت بصورة صحيحة، فرصةً لمناخ أكثر ديمقراطية مما هو قائم في الوقت الحالي.

ويأمل الكثيرون في أن يُصدِر السيسي عفواً عن النشطاء والصحافيين الموجودين في السجن حالياً أو يلغي محاكماتهم، وأن يشجّع مناخاً أكثر ديمقراطية ولو في إطار محاولة دحض الشعور المحتمل بأن المؤسسة العسكرية قد عادت إلى السلطة. وكان من بين الإشارات المثبّطة إلغاء مقدّم البرامج السياسية الساخر باسم يوسف برنامجه قبل أيام من تنصيب السيسي رسمياً، ودفاع وزارة الداخلية الجريء عن كراسة الشروط الخاصة بالمراقبة الشاملة للإنترنت. ومع ذلك، يأمل الكثيرون بأنه متى استقرّ السيسي في فترة ولايته الرئاسية، سوف تجد الأصوات الأكثر توازنًا، بما في ذلك مضيفو البرامج الحوارية مثل ريم ماجد وباسم يوسف، طريقها من جديد إلى موجات الأثير، وبالتالي تفرض بعض الموضوعية في تغطية الأحداث اليومية وتحليل الوضع السياسي. وقد بدأت بضعة أصوات أيضاً (على شبكات التواصل الاجتماعي) بمناقشة سبل تمويل قناة فضائية مستقلة تمويلاً شعبياً، على الرغم من أن الإجراءات القانونية واللوجستية لاتزال تمثّل مشاكل كبرى. وفي الوقت الراهن، لاتزال وسائل الإعلام على الإنترنت تؤدّي دوراً مهماً في كشف ما لن تغطّيه وسائل الإعلام المملوكة للدولة، ويحاول الناشطون والصحافيون المواطنون على أرض الواقع دفع مالديهم من معلومات أو محتوى على شبكات التواصل الاجتماعي قدر استطاعتهم.

سوف تستمر الثورة المصرية حتى تحقيق أهدافها ويصل الشباب في الشوارع إلى مصر الديمقراطية التي يحلمون بها. وجود قيادة سياسية أكثر ديمقراطية قد يفسح المجال لحدوث ثورة في الإعلام المصري، مما يمكّن من توسيع الجهود الصغيرة التي تُبذَل حالياً من داخل "ماسبيرو" والصحف القومية. وعلى الرغم من وجود بعض المؤشرات السيئة، علينا أن ننتظر لنرى ما إذا كان النظام الجديد سيتمكّن من تحقيق بعض الضمانات لحرية الرأي والتعبير وتمهيد الطريق لعملية أكثر ديمقراطية، أم سيعود مرة أخرى إلى الحكم العسكري المباشر أو غير المباشر. أما في غياب الإرادة السياسية للإصلاح، فستكون الأصوات المعارضة داخل وسائل الإعلام في حاجة إلى دعم كبير من المجتمع المدني والجمهور من أجل إحراز تقدّم.


نبذة عن الكاتبة

رشا عبدالله هي أستاذة مساعدة ورئيسة سابقة لقسم الصحافة والإعلام بالجامعة الأمريكية بالقاهرة. تحمل عبدالله شهادة الدكتوراه في الإعلام من جامعة ميامي في كورال جيبلز، فلوريدا. حصلت على جوائز عدة في مجال التدريس والبحث، بما في ذلك جائزة التميّز البحثي والمساعي الإبداعية من الجامعة الأمريكية بالقاهرة عن أبحاثها المتعلقة بوسائل التواصل الاجتماعي والنشاط السياسي قبل الثورة المصرية وأثناءها (2011).

تنصبّ اهتمامات عبدالله البحثية على استخدامات وسائل الإعلام الجديدة وتأثيراتها، وخصوصاً الإنترنت، والعلاقة بين وسائل الإعلام الاجتماعي وبين النشاط السياسي، وخدمة البثّ العام. أصدرت ثلاثة كتب بعنوان "الإنترنت في مصر والعالم العربي" (منشورات آفاق، 2005)، وThe Internet in the Arab World: Egypt and Beyond (منشورات Peter Lang Inc.، 2007)، و"Policing the Internet in the Arab World" (منشورات مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، 2009)، إضافة إلى العديد من المقالات والتقارير وفصول الكتب، والتي كان آخرها تقريرMapping Digital Media Egypt. 

وعبدالله هي مدافعة عن حرية الفكر والتعبير. وهي أيضاً مغرّدة متفانية، ويمكنكم متابعتها على تويتر @RashaAbdulla.

هوامش 

Douglas Boyd, Broadcasting in the Arab World: A Survey of the Electronic Media in the Middle East (3rd ed.) (Ames, Iowa: Iowa State University Press, 1999); Rasha Abdulla, “An Overview of Media Developments in Egypt: Does the Internet Make a Difference?” Global Media Journal—Mediterranean Edition 1 (2006): 88–100.

Rasha Abdulla, “Precedents for Public Service Broadcasting in Egypt,” Panos Institute Paris and the Mediterranean Observatory for Communication, 2013); Rasha Abdulla, Mapping Digital Media: Egypt (Open Society Foundations, August 2013), www.opensocietyfoundations.org/reports/mapping-digital-media-egypt.

المصدر السابق.

4 Rasha Abdulla, “The Changing Middle East Media Over the Past 20 Years: Opportunities and Challenges,” in The Changing Middle East, ed. B. Korany (Cairo: American University in Cairo Press, 2010).

المصدر السابق.

للاطلاع على مزيدٍ من المعلومات حول تقنيات الويب .02، أنظر على سبيل المثال: 
Mike Wolcott, “What Is Web 2.0?” CBS Money Watch, May 15, 2007, www.cbsnews.com/news/what-is-web-20.

Abdulla, Mapping Digital Media: Egypt.

للاطّلاع على مزيدٍ من المعلومات، أنظر:
Rasha Abdulla, “The Revolution Will Not Be Tweeted,” Cairo Review of Global Affairs 3 (2011), www.aucegypt.edu/gapp/cairoreview/Pages/articleDetails.aspx?aid=89. 

للاطّلاع على مزيدٍ من المعلومات حول هذا الموضوع، أنظر:
Rasha Abdulla, “Policing the Internet in the Arab World,” Emirates Occasional Papers, Emirates Center for Strategic Study and Research (ECSSR), 2009.

10 تعرف الحركة رسمياً باسم "الحركة الوطنية للتغيير".

11 للاطّلاع على مزيدٍ من المعلومات حول هذا الموضوع، أنظر:
Abdulla, “The Revolution Will Not Be Tweeted”; and Rasha Abdulla, “The Federal Democratic Republic of Facebook,” Democracy 34 (April 2009).

12 Abdulla, The Federal Democratic Republic of Facebook.

13 "مبارك أكثر زعيم يثق به شعبه بين شعوب العالم"، الأهرام، 18 حزيران/يونيو 2008:
http://yyy.ahram.org.eg/archive/2008/6/18/FRON1.HTM

14 "صحيفة الأهرام: الصورة المفبركة لمبارك "تعبيرية""، موقع "سي ان ان"، 16 تشرين الأول/ أكتوبر 2010:
http://arabic.cnn.com/2010/middle_east/9/18/altered.photo_reactions

15 Kam McGrath, “EGYPT: State Media Has New Bosses, Old Habits,” Inter Press Service, August 7, 2011, www.ipsnews.net/2011/08/egypt-state-media-has-new-bosses-old-habits.

 16 Abdulla, Mapping Digital Media: Egypt.

17  Leila Fadel and Ernesto Londoño, “Egypt’s State-Run Media Starting to Shift From Pro-Mubarak Coverage,” Washington Post, February 9, 2011, www.washingtonpost.com/wp-dyn/content/article/2011/02/09/AR2011020906234.html

18 المصدر السابق.

19 أحمد عدلي، "إيقاف صحافيَّة إدَّعت تلقيها تدريبات لقلب نظام الحكم"، موقع إيلاف، 7 شباط/فبراير 2011:
www.elaph.com/Web/arts/2011/2/630169.html

20 Ian Black, “Egypt Shuts Down Al-Jazeera Operations,” Guardian, January 30, 2011, www.theguardian.com/world/2011/jan/30/egypt-shuts-down-al-jazeera-operations.

21 Abdulla, Mapping Digital Media: Egypt.

22 Appointing Minister of Information Is a Step Backward,” National Coalition for Media Freedom, July 10, 2011, http://ncmf.info/?p=223; “Egypt’s Reinstatement of Information Ministry Is a Setback,” Committee to Protect Journalists, July 12, 2011, http://cpj.org/2011/07/egypts-reinstatement-of-information-ministry-is-ma.php.

23 Abigail Hauslohner, “The Most Powerful Weapon of Egypt's Ruling Generals: State TV,” Time, February 29, 2012, http://content.time.com/time/world/article/0,8599,2107910,00.html.

24 Yousry El Badry, “Maikel Nabil Released From Tora Prison,” Egypt Independent, January 24, 2012, www.egyptindependent.com/news/maikel-nabil-released-tora-prison;
Rasha Abdulla, “Egypt: On Maikel Nabil, First Blogger to Be Jailed Since January 25,” Global Voices Advocacy, September 7, 2011, http://advocacy.globalvoicesonline.org/2011/09/07/egypt-on-maikel-nabil-first-blogger-to-be-jailed-since-january-25.

 25 ممدوح شعبان ومها سالم، "استدعاء الإعلامية ريم ماجد للشهادة فى النيابة العسكرية"، الأهرام، 30 أيار/مايو 2011:
http://bit.ly/Tek42z

 26 هيثم الشرقاوي، "النيابة العسكرية تستدعي عادل حمودة وصحافية بـ"الفجر" للتحقيق بتهمة "نشر أخبار كاذبة""، المصري اليوم، 18 حزيران/يونيو 2011:
http://www.almasryalyoum.com/news/details/138866

27 “In Egypt, Military Harasses Critical Journalists,” Committee to Protect Journalists, June 2, 2011, http://cpj.org/2011/06/in-egypt-military-harasses-critical-journalists.php
“Egyptian Journalists Accused of ‘Insulting Armed Forces,’” Committee to Protect Journalists, March 9, 2012, https://cpj.org/2012/03/egyptian-journalists-accused-of-insulting-armed-fo.php.


28 The National Council for Human Rights, “The Council’s Report on the Maspiro Incidents,” www.nchregypt.org/index.php/ar/activities/2010-02-07-16-18-44/2010-03-09-13-06-01/500-2011-11-02-19-51-28.html.

29 “Egyptian Military Officials Jail Blogger Who Criticized Them,” Committee to Protect Journalists, October 31, 2011, https://cpj.org/2011/10/egyptian-military-officials-jail-blogger-who-criti.php; Rasha Abdulla, “Egyptian Blogger Alaa Abdel Fattah Detained for 15 Days Pending Military Investigation,” Global Voices Advocacy, October 31, 2011, http://advocacy.globalvoicesonline.org/2011/10/31/egyptian-blogger-alaa-abdel-fattah-detained-for-15-days-pending-military-investigation.

30 Abdulla, Mapping Digital Media: Egypt: 
سارة نور الدين، "دريم تفصل دينا عبدالرحمن بعد عرضها مقالاً ينتقد الرويني""، المصري اليوم، 24 تموز/يوليو 2011: 
www.almasryalyoum.com/news/details/145462

31 “Substantial Setback for Press Freedom in Egypt,” Committee to Protect Journalists, April 13, 2011, www.cpj.org/2011/04/substantial-setback-for-press-freedom-in-egypt.php.

32 “Egyptian Authorities Crack Down on Satellite Channels,” Egypt Independent, September 11, 2011, www.egyptindependent.com/news/egyptian-authorities-crack-down-satellite-channels.

33 “Maspero: A Massacre of Christians in Egypt,” CBS 60 Minutes, December 15, 2013, www.cbsnews.com/news/maspero-a-massacre-of-christians-in-egypt.

34 Firas Al Atraqchi, “Cairo Clashes Reignite Egypt’s Media War,” Doha Center for Media Freedom, October 18, 2011, www.dc4mf.org/en/node/617.

35 “Media Under Attack: The Status of Freedom of Expression Under Military Rule in Egypt” (Written Intervention to the 20th Session of the UN Human Rights Council, Cairo Institute for Human Rights Studies, 2012), www.cihrs.org/wp-content/uploads/2012/06/Media-under-attack-The-status-of-freedom-of-expression-under-military-rule-in-Egypt.pdf.

36 Salma Shukrallah, “Journalists Targeted for Exposing Egypt State Violence,” Al-Ahram Online, December 19, 2011, http://english.ahram.org.eg/NewsContent/1/0/29717/Egypt/0/Journalists-targeted-for-exposing-Egypt-state-viol.aspx.

37المصدر السابق.

38“Media Under Attack: The Status of Freedom of Expression Under Military Rule in Egypt.”

39Shukrallah, “Journalists Targeted for Exposing Egypt State Violence.”

40“Media Personnel Targeted by Military Violence in Tahrir Square,” Reporters Without Borders, December 19, 2011, http://en.rsf.org/media-personnel-targeted-by-19-12-2011,41573.html.

41Adel Iskandar, “A Year in the Life of Egypt’s Media: A 2011 Timeline [Updated],” Jaddaliyya, January 26, 2012, www.jadaliyya.com/pages/index/3642/a-year-in-the-life-of-egypts-media_a-2011-timeline.

42“More Than 30 Journalists Assaulted and Detained During 4 May Cairo Protest,” Reporters Without Borders, May 9, 2012, http://en.rsf.org/egypt-more-than-30-journalists-assaulted-09-05-2012,42586.html.

43Edwin Lane, “Egypt’s Activists Use Film to Move Beyond Tahrir Square,” BBC News, March 8, 2012, www.bbc.com/news/world-middle-east-17277156.

44Mohamed Fadel Fahmy, “One Dead, Dozens Injured in Fifth Day of Egypt Clashes,” CNN, February 6, 2012, http://edition.cnn.com/2012/02/06/world/africa/egypt-unrest/index.html.

45“Rights Group: Morsy Files Record Number of Defamation Charges,” Egypt Independent, January 21, 2013, www.egyptindependent.com/news/rights-group-morsy-files-record-number-defamation-charges?utm_source=dlvr.it&utm_medium=twitter.

 46Mai Shams El-Din, “Egypt in Three Years: State vs Journalists,” Mada Masr, February 20, 2014, www.madamasr.com/content/egypt-three-years-state-vs-journalists

47Freedom House, Freedom of the Press 2013: Egypt Report (2013), www.freedomhouse.org/report/freedom-press/2013/egypt#.U77gG_ldXms.

48المصدر السابق.

49“Okasha Found Guilty of Defaming Morsy, Gets Four Months in Prison,” Egypt Independent, October 22, 2012, www.egyptindependent.com/news/okasha-found-guilty-defaming-morsy-gets-four-months-prison;
“Eyptian Court Sentences Journalist to Jail for Defamation,” Committee to Protect Journalists, October 25, 2012, http://cpj.org/2012/10/egyptian-court-sentences-journalist-to-jail-for-de.php.

 50"براءة توفيق عكاشة من تهمة سب مرسي"، محمد العراقي، مصراوي، 1 آذار/مارس 2014:
http://beta.masrawy.com/News/details/2014/3/1/184870/براءة-توفيق-عكاشة-من-تهمة-سب-مرسي.

51شيماء القرنشاوي وفاروق الجمل، "حكم بتأييد مصادرة "الدستور" بسبب "إهانة الرئيس".. والأمن يجمع النسخ من الباعة "، المصري اليوم، 11 آب/أغسطس 2012:
www.almasryalyoum.com/news/details/156539#

52“Morsy Issues New Constitutional Declaration,” Egypt Independent, November 22, 2012, www.egyptindependent.com/news/morsy-issues-new-constitutional-declaration.

53Dahlia Kholaif, “Egyptian Journalists in Court Reminiscent of Mubarak Era,” Bloomberg News, August 12, 2012, www.businessweek.com/news/2012-08-28/egyptian-journalists-in-court-reminiscent-of-mubarak-era#p1
"حرية التعبير في ظل الرئيس المدني المنتخب، بعد ثلاثة أشهر"، الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، 2012: 
www.anhri.net/?p=60153
Freedom of Thought and Expression in Egypt and the Arab World: 2012 Report (Arab Network for Human Rights Information, 2012), 
www.anhri.net/wp-content/uploads/2013/05/حرية- الرأي-والتعبير.pdf

 54"حصاد عشرة أشهر من الأزمات داخل ماسبيرو: ورقة كشف حساب لـ"صلاح عبد المقصود" وزير الإعلام"، مؤسسة حرية الفكر والتعبير، 2013:
http://afteegypt.org/wp-content/uploads/2013/06/afte001-9-06-2013.pdf

55Freedom of Thought and Expression in Egypt and the Arab World: 2012 Report.

 56"ماسبيرو في عهد أول رئيس منتخب: انتهاكات مستمرة ولا نية للإصلاح"، الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، 2013:
www.anhri.net/wp-content/uploads/2013/04/تقرير_ماسبيرو.pdf

57 Abdulla, “Precedents for Public Service Broadcasting in Egypt.”

58 Ahmed Aboul Enein, “The Future of Egypt’s Media,” Daily News Egypt, September 25, 2012, www.dailynewsegypt.com/2012/09/25/the-future-of-egypts-media.
 
 59 للاطّلاع على رأي الكاتبة حول هذه المسألة، أنظر:
Rasha Abdulla, “A Month Later, To Coup or Not to Coup Is Still the Question,” Al Ahram Online, August 8, 2013, http://english.ahram.org.eg/News/78643.aspx.

60 Sara Yassin, “Egyptian Army Shuts Down Media Outlets” (Index on Censorship, 2013), www.indexoncensorship.org/2013/07/egyptian-army-shuts-down-media-outlets.

61 Lisa O’Carroll, “Egyptian Court Orders Closure of Al-Jazeera Affiliate,” Guardian, September 3, 2013, www.theguardian.com/media/2013/sep/03/egypt-shut-down-al-jazeera; Heather Saul, “Egypt Court Orders the Closure of Al-Jazeera and Three Other Television Channels,” Independent, September 3, 2013, www.independent.co.uk/news/world/africa/egypt-court-orders-the-closure-of-aljazeera-and-three-other-television-channels-8795937.html.

62 كان اثنان من هؤلاء صحافيين شاركا في اعتصام رابعة العدوية المؤيد لمرسي بصفتهما الشخصية، وليس أثناء قيامهما بواجباتهما الصحافية.

63 "حصار الحقيقة: تقرير حول الاعتداءات والانتهاكات بحق الإعلاميين" (30 حزيران/يونيو – 30 آب/أغسطس) (مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، 2013):
www.cihrs.org/?p=7365

64 المصدر السابق.

65 Courtney Radsch, “Press Freedom Is Now El-Sisi’s Choice,” Committee to Protect Journalists, June 3, 2014, http://cpj.org/blog/2014/06/egypts-newly-elected-leader-abdel-fattah.php

66 Maya Taal, “CPJ Risk List: Where Press Freedom Suffered,” Committee to Protect Journalists, http://cpj.org/2014/02/attacks-on-the-press-cpj-risk-list-1.php.

67 Rana Taha, “Abu Deraa Gets Suspended Prison Verdict,” Daily News Egypt, October 5, 2013, www.dailynewsegypt.com/2013/10/05/abu-deraa-gets-suspended-prison-verdict.
 
68 Evan Hill, “In Egypt, an Unhappy Medium: What’s Fit to Print After a Military Coup Has Become a Dangerous Question for Journalists,” Al Jazeera America, October 7, 2013, http://america.aljazeera.com/articles/2013/10/7/in-egypt-an-unhappymedium.html.

69 Aaron Rose, “Mohamed Sabry Sentenced,” Daily News Egypt, November 3, 2013, www.dailynewsegypt.com/2013/11/03/muhamed-sabry-sentenced.

70 “Egyptian Military Tribunal Sentences a Journalist to Year in Prison for Impersonating Officer,” Washington Post, October 30, 2013, www.washingtonpost.com/world/middle_east/egyptian-military-tribunal-sentences-a-journalist-to-year-in-prison-for-impersonating-officer/2013/10/30/8fbdaa30-4198-11e3-b028-de922d7a3f47_story.html.

71 Sarah El Masry, “Polarised, Politicised and Biased: Covering Egypt,” Daily News Egypt, August 21, 2013, www.dailynewsegypt.com/2013/08/21/polarised-politicised-and-biased-covering-egypt.

72 أقدّم في مايلي موقفاً حدث لي شخصياً: تلقّيت أكثر من خمسة طلبات لإجراء مقابلات من شبكة قنوات الجزيرة عبر الهاتف والبريد الإلكتروني خلال فترة عشرة أيام. وقد حوت إحدى رسائل البريد الإلكتروني قائمة بأسئلة موجّهة، مصحوبة في بعض الأحيان بإجابات مقترحة. وعندما واجهت الصحافية حول طبيعة الأسئلة، ردّت قائلة: "الأسئلة الموجّهة مقبولة".

73 شاهد هذا الفيديو، على سبيل المثال، "فضيحة قناة الجزيرة بالدليل: تنقل صور الاتحادية على أنها مؤيدة لمرسي".
www.youtube.com/watch?v=lsEn5VNUvNk
 
74 شاهد هذا الفيديو، على سبيل المثال، الذي يظهر محتجاً يزعم أنه مصاب وهو يرفس طبيباً عندما رفع قميصه الملطخ بالدماء وكشف عن بطنه الذي بدا خالياً من أي إصابة. "فضيحة قناة الجزيرة: دكتور يعري المصاب ليرى الجرح فميلاقيش جرح والمصاب يضرب الدكتور برجله": 
www.youtube.com/watch?v=5uPdmsfXNaI
 
75 شاهد الفيديو: "أحمد منصور يعطي تعليماته  للإخوان ":
https://www.youtube.com/watch?v=UJGIlCEc7Fg

76 Nada Altuwaijri, “‘We Aired Lies’: Al Jazeera Staff Quit Over ‘Misleading’ Egypt Coverage,” Al Arabiya, July 9, 2013, http://english.alarabiya.net/en/media/2013/07/09/Al-Jazeera-employees-in-Egypt-quit-over-editorial-line-.html; Charlie Miller, “Al Jazeera Employees Resign Over ‘Lack of Neutrality,’” Daily News Egypt, July 8, 2013, www.dailynewsegypt.com/2013/07/08/al-jazeera-employees-resign-over-lack-of-neutrality.
 
77 “Beblawi Condemns Leaked Phone Calls; MOI Denies All Blame,” Mada Masr, January 9, 2014, www.madamasr.com/content/beblawi-condemns-leaked-phone-calls-moi-denies-all-blame.

78 أميرة العناني، "بالفيديو.. عبد الرحيم علي يذيع تسريباً جديداً لـ"البرادعي" وشقيقه"، البديل، 13 آذار/مارس 2014.
http://elbadil.com/2014/03/13/بالفيديو-عبد-الرحيم-علي-يذيع-تسريب-جدي/.

 79 يسري فودة، تعليق على الفايسبوك، 28 تموز/يوليو 2013:
www.facebook.com/yosri.fouda1/posts/10151759465765733

 80 ريم ماجد، تغريدة، 25 آب/أغسطس 2013:
 https://twitter.com/Reemmagued/status/371657362702340096

 81 Hill, “In Egypt, an Unhappy Medium.”

82 "خطاب السفيرة الأميركية "آن باترسون" لجريدة الأهرام بتاريخ 28 أغسطس":
http://egypt.usembassy.gov/pr-082813.html

83 رشا عبدالله، " ليس دفاعًا عن الجزيرة ولكن ضد إغلاق القنوات"، التحرير، 2 أيلول/سبتمبر 2013. يمكن الاطلاع على نسخة إنجليزية من المقال على الموقع التالي:
Rasha Abdulla, “Closing Media Outlets Is Not the Solution,” Mada Masr, September 6, 2013, www.madamasr.com/content/closing-media-outlets-not-solution.

84 مصطفى النجار، "الجيش مؤسسة أم دولة"، ملاحظة شخصية على الفايسبوك، 20 تشرين الأول/أكتوبر 2013، 
www.facebook.com/notes/mostafa-alnagar/الجيش-مؤسسة-أم-دولة-/10153364822215032.

85 “Watchdog Slams Egypt Curbs on Press Freedom, Bassem Youssef Suspension,” Al Arabiya, November 12, 2013, http://english.alarabiya.net/en/media/television-and-radio/2013/11/06/Watchdog-slams-Egypt-curbs-on-press-freedom-Bassem-Youssef-suspension.html.

86 Patrick Kingsley, “Egyptian Satirist Bassem Youssef Winds Up TV Show Due to Safety Fears, Guardian, June 2, 2014, www.theguardian.com/media/2014/jun/02/bassem-youssef-closes-egyptian-satire-tv-show-over-safety-fears; “Bassem Youssef Abruptly Cancels Egyptian Satire Show Before Sisi Declared President,” Time, June 2, 2014, http://time.com/2818306/bassem-youssef-abruptly-cancels-egyptian-satire-show-before-sisi-declared-president.

87 “Egyptian Comedian Bassem Youssef Among TIME 100 Most Influential People,” Al Arabiya, April 19, 2013, http://english.alarabiya.net/en/News/middle-east/2013/04/19/Egyptian-comedian-Bassem-Youssef-among-TIME-100-most-influential-people.html.

88 موقع "مدى مصر": www.madamasr.com

89 موقع "يناير": www.yanair.net

90 مجدي الجلاد، "انفراد: "الداخلية" تفرض "قبضة إلكترونية" على جرائم شبكات التواصل الاجتماعي"، صحيفة الوطن، 1 حزيران/يونيو 2014:
www.elwatannews.com/news/details/495659

91 Amnesty International, “Egypt’s Plan for Mass Surveillance of Social Media an Attack on Internet Privacy and Freedom of Expression,” June 4, 2014, www.amnesty.org/en/for-media/press-releases/egypt-s-plan-mass-surveillance-social-media-attack-internet-privacy-and-fre.